إبراهيم عبدالله العمار
لو كلمتَ رجلاً تعرفه معرفة اجتماعية وسألتَه عن سبب عدم حضوره المناسبات وقال: «أنا خجول»، فماذا سيكون رأيك؟..
لا نحتاج الإطناب هنا، ردة فعلك معروفة، وهذا ما يغيب أحياناً عن عقل من يستخدمون هذه الكلمات المترجمة، فما هو سليم في لغة الأقوام الأخرى ليس بالضرورة سليماً عندنا، ولنر بعض الأمثلة لكلمات لها اختلاف شاسع بين اللغتين رغم طول استخدامها لدينا:
- الخجل: كلمة قد تُستخدم في طب النفس لوصف شخص يتجنب الناس، وهذه فيما يبدو لي ترجمة من كلمة shyness الانغليزية، لكن الفرق ضخم، ففي ثقافتهم الغربية لا بأس من أن يوصف الرجل بالخجل لأن معناها هنا الانطوائية وليس بالضرورة الخجل كما نعرفه، أما لدينا فوصف رجل بالخجل له تبعات سيئة، فهي كلمة توحي بالضعف والأنثوية، والكلمة ارتبطت بالأطفال والنساء، وحتى لو كان الشخص يقصد المعنى النفسي -أي الخجل الاجتماعي وتجنُّب الناس- فهي لا زالت تترك رنةً سلبية في أذن ونفس الرجل الموصوف، ومعه حق، ففي مجتمعاتنا العربية يغضب الرجل من أي كلمة تصفه بالأنوثة أو الضعف أو أي شيء يقلل من رجولته، ولعل كلمة انعزالي أو انطوائي أو انفرادي وما شابهها أفضل من كلمة خجول، لكي تحفظ للرجل كرامته.
حساس: كلمة حسّاس sensitive تقصد شخصاً أكثر قابلية للانفعال أو التأثر، وعندما يستخدمها الغربيون فليس لها دائماً مغزى معيب، بل في بعض السياقات معناها طيب كأن يوصف الفنان أو الكاتب لديهم مثلاً بالحساسية التي تطبع عمله ببصمة لطيفة متميزة، لكن المشكلة إذا تُرجِمَت أن فيها معايب الكلمة السابقة، وتستحق بدائل أفضل لكيلا تؤذي صاحبها.
السحر: في الثقافة الانغليزية كلمة «سحر magic» تعني تلك الخدع الظريفة التي يفعلها المحترفون، فيضع كرة صغيرة في راحة يده ثم يحكم قبضته عليها أمام عينك، يفتحها وإذا هي اختفت! أو يوهمك أنه يسحب قماشاً من فمه طوله عدة أمتار، أو يجعل الحمامة تختفي، وهكذا. لكن هذه الكلمة حيّرت الكثير من الناس لما سمعوا أنه هناك «ساحر» قريب منهم استبشر به الأطفال، حتى إن بعض الشيوّخ حرّم هذه الخدع ظاناً أن لها علاقة بالسحر الذي نعرفه.. فالسحر لدينا كلمة اشتهرت بمعناها الإسلامي وهو السحر الحرام القائم على الكُفر وذلك لغرض التفريق بين الزوجين وإيذاء الناس، وهذا الضرب من الشعوذة ليس له في الغرب شهرة كشهرة سحر الخدع الممتعة تلك، وإنما يسمى لديهم السحر الأسود black magic.