د.عبدالعزيز العمر
الليبرالية هي فلسفة حياة شاملة تعطي قيمة مركزية عليا للحرية الفردية، وهي اليوم تمارس وتطبق في جوانب مختلفة من حياة أغلب المجتمعات الإنسانية، ففي الجانب السياسي هناك الليبراليه السياسية التي تؤكد حماية حقوق الأفراد، والمساواة بين الناس أمام القانون، وفصل وتوازن السلطات الثلاث، وتعزيز قيم ومبادئ الديموقراطية، وحفظ حقوق الأقليات، وتخفيض القبضة المركزية الحكومية.
وهناك أيضاً الليبرالية الاقتصادية، وهي تؤكد حرية السوق، وحق الملكية الفردية، وحرية التجارة، وتمنح القطاع الخاص مساحة أكبر (تخصيص الخدمات). وفي الجانب الاجتماعي ظهرت الليبرالية الاجتماعية، وتمثلت في تعزيز قيام مؤسسات المجتمع المدني، والتأكيد على قيم جوهرية مثل حرية التعبير وحرية المعتقد، والتسامح وتساوى الحقوق الإنسانية ونبذ العنصرية.
أما في عالم التربية فقد برزت الليبرالية كإحدى الفلسفات التي شكلت قيم ومبادئ وممارسات التعليم في العقود الأخيرة. خصوصاً في مرحلة التعليم الجامعي، الليبرالية التعليمية تعد الطالب لعالم يتزايد تعقيداً وتغيراً وتنوعاً، وتمنحه مساحة من الحرية ليختار ما يتعلمه وكيف يتعلمه ومع من يتعلمه، وتحترم كينونته ومشاعره كإنسان له ميوله ورغباته الخاصة.
في التعليم التقليدي يتم إعداد الطالب وتدريبه على تأدية مهارات معينة ليسد فراغات محددة في سوق العمل، أما في التعليم الليبرالي الحر (Liberal Education) فيتم تحرير عقل المتعلم من مجرد سيطرة هذه المهارات العملية التدريبية المتمثلة في الإنتاج المهاري اليدوي المبرمج ليتم إطلاق العنان لملكاته وقدراته النقدية التحليلية التواصليه العليا في فضاء أوسع وفي مناخ من الحرية، وذلك من خلال دراسته لمقررات مثل الفلسفة والمنطق والرياضيات واللغة والفنون التي تطلق العنان لخيال المتعلم ولتفكيره ليستطيع مواجهة كل ما يستجد من متغيرات في حياته الشخصية والمهنية. الليبرالية التعليمية تعمل على دمج المعرفة الإنسانية من مجالات مختلفه للخروج بفهم حقيقي للعالم.