عبد الله بن سالم الحميد
منذ أن عرفتُ التعالق الثقافيّ الحميم مع توجهّات رعاية الشباب عرفت ذلك الشاب العنفواني النشيط يحاول استقطاب كلّ عاشق للثقافة والأدب، ويبادرُ إلى دعمه، والأخذ بيده من خلل عمله الإداريّ في الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت المحتضن الأول لتوجّهات الأدباء والمثقفين حين كان دور وزارات التعليم والإعلام، والجامعات ضعيفاً في دعم الفكر والثقافة بالمملكة.
كان الأستاذ الواعي المثقف محمدالقشعمي شعلةً من النشاط والفعالية لخدمة الأدب، والأدباء والمثقفين، والعناية بشخصيات الأدباء، واستقطابهم لإدراكه العميق بدورهم المهم في صياغة نسيج الوعي الثقافي والفكري في المجتمع، وكم حاول مع المفكّر المعبّر الأستاذ عبدالله محمد النّور لتحريضه على نشر كتبه، واستمراره في الكتابة، وقد نجح في إخراج الأستاذ المربّي المفكّر عبدالكريم الجهيمان من عزلته الثقافية فأعاده إلى الميدان الثقافي والإعلامي ليتجدّد عطاؤه وتمازجه مع قنوات المجتمع، واستطاع بملازمته سنوات عديدة ومرافقته في رحلاته الداخلية والخارجية، والإسهام في نشر كتبه وكتب عنه، وتوزيعها. كل ذلك جهدٌ مكثف يبادر إليه محمد القشعمي، ويقوم به، وينسّق لاستقطابه وتفعيله، لا تستطيع حتى الأندية الأدبية القيام به.
ومن خلال عملي في إذاعة الرياض بإعداد برنامجي الثقافي التوثيقي {رجالّ في الذاكرة} الذي كان مهمته: تناول نخبة من الشخصيات التي خدمت الفكر والثقافة والأدب بالمملكة، واستقطاب شخصيات أخرى للتحدّث عنها استفدْتُ من تجربة أخي محمد القشعمي صاحب العلاقات الفذّة حيث بادر خلال زيارتي له في مكتبة الملك فهد إلى التنسيق مع الروائي الأستاذ عبدالعزيز المشري، والروائيّ الأستاذ عبدالله حسين للتحدّث عن الشخصية التراثية للأستاذ الوثائقي عبدالكريم الجهيمان من خلل المعرفة والرؤية الدقيقتين لهذه الشخصية في حين لم أكن أعرف هذين الروائيين من قبل، ولم أنسَ هذه الخدمة التي يصعب أن يقوم بها شخص آخر لا يمتلك العلاقة الحيوية والتأثير والقبول التي تتوفّر في شخصية هذا الرجل الشهم المسكون بالتواضع والخلق الرّاقي مما حرّضني من خلل عملي عضواً في مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض على ترشيحه للتحدّث عن نخبة من الأدباء والتوثيقيين، وما زلتُ أقترح في تكريم الأستاذ التراثي التوثيقي محمد القويعي الذي غادرنا إلى الدار الآخرة منذ شهور -رحمه الله-.
ولا أنسى أنه حين طلبتُ من الأستاذ محمد القشعمي التحدث عن العلامة الشيخ محمد العبودي لبرنامج توثيقي كُلّفت بإعداده من قبل إذاعة الرياض لإذاعات مجلس التعاون الخليجي، رشّح القشعمي الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان للتحدث عن الشيخ العبودي من خلال مرافقته له ومعرفته له عن قرب.
وتوثقت العلاقة بالأستاذ الصديق محمد القشعمي عبر النادي الأدبي الذي يحرص على حضور فعالياته الثقافية، وعبر هذه القناة الثقافية الفكرية {مكتبة الملك فهد} التي عمل فيها حين تأسيسها في حضرة العلامة الدكتور يحيى الجنيد الذي بذل جهداً مكثفًا معه في استقطاب المصادر والمراجع والكتب القيّمة من نخب الفكر والأدب والثقافة في شتى الفنون والعلوم.
هذا الحضور الثقافي الإعلاميّ المكثف بالإضافة إلى كتابته عن أوليات الصحافة، واستحضار الذاكرة وتوثيقها عن نماذج من المعبّرين والمفكرين ممن أسهموا في خدمة الفكر والثقافة والأدب.
كلّ ذلك يحرّضني وأنا أشهد هذا النشاط المتعدّد للأستاذ المفكّر المعبّر محمد القشعمي: أن أطالب بتكريمه تقديراً لجهده ومبادراته القيمة لخدمة مجتمعه ووطنه.