من هو ذا من مثقفي الوطن الذي لا يعرف هذا الذي حار المترجمون له والكاتبون عنه بما يصفونه وبماذا يضيفون عليه من الألقاب فهذا ينعته بمحقق البدايات لاهتمامه بالبدايات الصحفية ورصدها في الحجاز والمنطقة الشرقية وأماكن أخر ، وآخر أسماه موثق التحولات وآخر رأى فيه مترجم الرواد ، وهذا كاتب رأى فيه سادنا للمعرفة وصائدا للأولويات .
هذا هو الأستاذ الأديب محمد عبد الرزاق القشعمي الذي لا أظن مثقفا في الوطن العربي كله لا يعرفه ، فأنت لا تجتمع بأحد من حملة العلم أو الفكر أو الأدب إلا ويجري بينك وبينه حديث عن هذه الشخصية النبيلة الذي هو صديق الجميع
فالأستاذ القشعمي لا تسأله عن عالم أو مفكر أو أديب، بل فنان إلا وجدت عنده سيلا متدفقا من المعلومات عنه ، ومن زاره في منزله ورأى مكتبته الشخصية والتي يقضي فيها أكثر ساعات يومه إلا وشعر كيف بنى الأستاذ ثقافته الواسعة والمتنوعة والتي أهلته لهذا النتاج الكبير الذي جاوز الثلاثين كتابا وما لا يعد من المقالات والتعقيبات والبحوث .
وهو ذا شخصية محبوبة من الجميع فهو على خلق فاضل ، جم التواضع ، يحمل لواء التسامح وأعظم صفاته الوفاء ، فهو الوفي لكل صاحب قلم وفكر وعلم يسعى إليهم ، له ذاكرة حية ممتلئة بالمعلومات عنهم على مدى اتساع الوطن العربي كله ، هو مرجع موثوق في المعلومات عنهم ، رصد الحركة الثقافية وألف عنها ، وكتب عنها وإذا جالسته تدفق بالحديث عنها . بدايات ثم استمرار ثم ما نالها من التحولات .
تحدثه فتظن أنك الأثير عنده دون الناس جميعا ، وإذا رأيته في مجامع المثقفين علمت أنه عميدهم الذي يرجعون إليه في كل شيء . هو موسوعة متحركة تستجلي الحركة الثقافية على تنوعها منه . وهو يزيدها نماء باستمرار بلقاءاته الجميلة برموزها . وقراءته عنهم ، ومتابعته لكل ما يصدر عنهم من إنتاج فكري وأدبي ، وهو عاشق للمعرفة ، هي شاغلته على مر الزمان
والناظر في ما ألف الأستاذ القشعمي يرى تنوعا معرفيا لا حدود له ، فعن سيرته كان كتاب «بدايات... فصول من السيرة الذاتية» وهو تعريف به يحتاج اليوم إلى تحديث ، وعلاقته بالأديب المفكر الأستاذ عبد الكريم الجهيمان التي لا يجهلها أحد أنتجت كتابه «عبد الكريم الجهيمان.. عطاء لا ينضب» وتظل العلاقة نموذجا يجمع بين أديب مفكر ومؤلف يبذل جهده لكتابة سير العظماء ويهديها لعشاقهم ، وكما كان للجهيمان على الأستاذ محمد فضل الصحبة فهو كان له نعم الرفيق خاصة حينما كاد العمر ينفد إذ كان له نعم الصاحب والذي أخرجه عن صمته وأعاده إلى مجتمعه على وهن في جسده .
والأستاذ القشعمي مغرم بالكتابة عن سير المبدعين والرواد منهم خاصة فقد قدم لشبابنا معلومات وافرة عن عميد الأدب العربي د. طه حسين في كتابه الموسوم (طه حسين في المملكة العربية السعودية) ، وكتب عن أديبنا الكبير عبد الرحمن منيف وأصدر عنه كتابه المعنون (ترحال الطائر النبيل) فأعاد إلينا أديبا رحل عن وطنه وتجول في عدد من أقطارنا العربية وأثرى الحركة الأدبية تردد صدى شهرتها في دنيانا العربية حتى اليوم ، كما ألف عن كل ذي أثر في وطنه ، فألف عن الصحفي المؤرخ: سليمان بن صالح الدخيل ، وعبد الله الناصر الوهيبي وخص الجهيمان بثلاثة كتب والمنيف بكتابين ، وتحدث عن رواد الصحافة السعودية زمن صحافة الأفراد ورواد المؤلفين السعوديين ، وتحدث في مؤلفاته عن البدايات الصحفية في الوطن وبدايات الطباعة ، وكتب عن الأسماء المستعارة في الصحافة السعودية ، وكتب عن إهداءات الكتب .
واهتم في المكتبة الوطنية بمشروع عظيم هو «التاريخ الشفهي للمملكة العربية السعودية» بلقاءات مع كبار رجال العلم والتعليم والمال والسياسة ، وسجل سيرة ما فاق 300 شخصية من مختلف أرجاء الوطن .
وقد كتب أول كتاب يتحدث عن البوادر للمجتمع المدني في المملكة ، وهو مؤلف غير مسبوق في تتبع لنشاطات المؤسسات الأهلية مع بداية الدولة ، وتحدث فيه عن الانتخابات البلدية .
وكتب حتى عن الطيران في المملكة وبداياته مدنيا وحربيا .
الأستاذ القشعمي موسوعة معلومات تتدفق رعاه الله وأمد في عمره في صحة وسعادة ، ومنذ عرفت هذا النبيل وأنا أعتبره أعز صديق ، وحينما أعددت مع أستاذنا محمد سعيد طيب مجموعة أستاذنا الأديب والناقد والمفكر عبد الله عبد الجبار حيث أمدنا بكثير من مقالاته ومما كُتب عنه في الصحافة السعودية.
- عبد الله فراج الشريف