سمر المقرن
صدر في هذا الشهر تنظيمان جديدان لصالح المرأة المطلقة، الأول: إنشاء صندوق للنفقة، وهذا من شأنه ضمان حصول المطلقة وأولادها على النفقة المخصصة لهم دون أن يضيع وقتها في المحاكم والتقاضي والمتابعة، وكذلك سيقلل من عدد القضايا الواردة للمحاكم ويحافظ على وقت القضاة كما أنه سيكون في صالح القضايا الأخرى وعدم تأخيرها نظراً لتقليص عدد كثير منها هي قضايا النفقة، كما أنه سيقضي على مماطلة -بعض- الآباء عن دفع النفقة.
التنظيم الثاني: وهو الذي يمنح الأم حق حصولها على حضانة أبنائها دون أن تضطر لرفع دعوى قضائية. هذا القرار في شكله رائع جداً وهو نصر كبير للنساء المطلقات، كما أنه سيغير من الثقافة السائدة بأن تصبر المرأة في الحياة مع رجل لا ترغب بالبقاء معه من أجل أبنائها، فهي الآن وبعد هذا التنظيم لن تكون مجبرة على حياة مؤطرة بالجحيم رغماً عنها، مع ذلك لم يزل هذا التنظيم مبهماً إلى حد كبير، فبالنظر إلى الآلية التي تذكر بأن المرأة المطلقة تتقدم بطلب إثبات حضانة في الأحوال التي لا يوجد فيها نزاع بينها وبين والد المحضونين، هل المقصود بهذه الآلية المرأة التي يعيش معها أولادها؟ وماذا في حال كان الأولاد مع والدهم رغماً عنها؟ ومتى تستطيع الحصول على حق الحضانة؟ وهل ما زال النظام القديم الذي يقضي بتسليم الفتاة لأبيها في سن السابعة والولد يخير بينهما لا زال معمولاً به؟ وهل إذا تزوجت يسقط حقها في الحضانة؟ كثيرة هي الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة ولم يأت بشرحها التنظيم الجديد. أضف إلى ذلك الشرط الأول الذي يقضي بأن تقدم الأم بينة على صلاحيتها للحضانة، لم يتم هنا توضيح نوع وشكل البينة، فمن هي المرأة الصالحة للحضانة ومن هي غير الصالحة؟!
أما الشرطان الآخران فلم أرَ فيهما أي توضيح، وهي مجرّد شكليات، كأن يتم أخذ تعهد عليها بأنها لم تقم هي أو غيرها بالقيام برفع دعوى حضانة، فهل هذا يعني أن الأمهات اللواتي رفعن دعاوي سوف يسقط حقهن في الحضانة؟ والأهم في هذا التنظيم هو كيف يتم التعامل في حالات النزاع بين الوالدين على الحضانة؟
في الحقيقة مثل هذه التنظيمات الجديدة هي مساحات مضيئة في حقوق المرأة، وخروجها والعمل بها في ظل محاكم متطورة هي شيء مبهج، لكن ما زالت الأسئلة والاستفهامات تحف هذه التنظيمات وتحتاج إلى كثير من الآليات التي تنظر في أدق التفاصيل، مع قضايا تعتبر من أكثر القضايا حساسية في بلاط المحاكم!