خالد الربيعان
كل سوق له حكاياته، ولو دخلت سوقًا شهيرًا كسوق الذهب أو الخضراوات والفاكهة - أو حتى سوق الأسماك - ستجد في كواليس هذا السوق وبين قدمائه وشخصياته حكايات يتداولونها، قصص وطرائف شهيرة عن البائع الفلاني تم غشه في طلبيه، وآخر لعب السوق معه لعبة الحظ وأصبح من الأثرياء بإذن الله! والدنيا «قصص وحكايا».
أما عن سوقنا سوق الاستثمار والتسويق الرياضي فهناك قصص عن «أشخاص» أصحاب أندية بنفس هذا القدر من الطرافة والسذاجة وإذا كان بعض الناس يتمتع ببعد النظر فهناك آخرون ليس عندهم نظر.
في هذا المقال أحكي لكم طرفتين من هذه القصص، غباء الأندية ومديريها وملاكها في التفريط في ثروات كانت تحت أيديهم هكذا بكل بساطة وسذاجة.
الطرفة الأولى من بلاد البيتزا - إيطاليا-، ففي 2011 أي منذ 6 سنوات كان ميلان يضم بين نجومه أحد أساطير خط الوسط في إيطاليا، أندريا بيرلو، بيرلو كان يبلغ من العمر وقتها 32 سنة، انتهى موسم 2011 وجاء الفيلسوف بيرلسكوني رئيس النادي بقرار أقل ما يوصف به أنه «غباء»، وقرر الاستغناء عنه هكذا، وعندما سألوه قال: إن اللاعب كبير جدًا، وأن راتبه لا يتناسب مع سنه، وأنه من الأفضل التعاقد مع لاعب آخر يكون أصغر ويفيد النادي.
أصبح بيرلو قبل دخول الموسم الجديد بلا نادي «free agent» وكان صفقة سهلة لأي نادٍ يريده لأنه لن يدفع أي مال لأي نادٍ بصفر.. فقط راتب اللاعب وانتهى الأمر.
من الذي انقض على هذه اللاعب بحس تسويقي وبعد نظر؟.
إداريو ومالكو نادي يوفنتوس، خطفوا الصفقة رغم ما بها «شكليًا» من عيوب ورحب بيرلسكوني بإعطاء بيرلو العجوز لمنافسيه وخصومه بيوفنتوس، دفع فيه يوفنتوس 10 ملايين يورو فقط راتب لمدة 5 سنوات من 2011 حتى رحيل اللاعب في 2016.
ماذا كانت النتيجة.. هذا الرمز وفي هذا السن حقق اليوفنتوس بفضله وقيادته خط الوسط عدد 5 بطولات.. 4 مواسم من خمسة أخذ فيها بطولة دوري.. إضافة إلى بطولة كأس إيطاليا، وأوصل النادي لنهائي دوري أبطال أوروبا الذي خسروه أمام برشلونة.. نموذج حي لفلسفة «فارغة» من بيرلسكوني وإدعاء «الشطارة» ليس لها داعٍ.. أبدًا.
الغريب أنه بعد بلوغ بيرلو لسن 37 سنة كان مازال بموهبته بل ترك يوفنتوس وذهب لنادي نيويورك سيتي المملوك لمجموعة السيتي الإماراتية، وهم كما نعلِمَ لا يتحركون خطوة إلا ولها فائدة ومحسوبة بدقة.
التحق بالنادي الأمريكي في خطوة تسويق رياضي بالأساس، وهو مازال هناك حتى الآن، ينتهي عقده نهاية هذه السنة.
«السلطان» إبراهيموفيتش وصل لسن 34 سنة وكان في أوج تألقه مع باريس سان جيرمان.. السبب في الاستغناء عنه حتى الآن غير معروف.. وجود زلاتان إبراهيموفيتش ولو على دكة الاحتياط في أي نادٍ كفيل بتغيير الأمور من سيء إلى العكس.. المهم أن الإدارة هناك لم تر المستقبل فقط بل لم تر تحت أرجلها في هذه اللحظة الطائشة.
ذهب زلاتان إلى من؟ مانشستر يونايتد.. كانت قنبلة الموسم الماضي بمعنى الكلمة استقبلته المدينة بعبارة «زلاتان هو الذي يرحب بمانشستر» وليس العكس.
بيعت قمصانه في متاجر النادي بما قيمته 76 مليون جنيه استرليني في أسبوع واحد، سجل في أول مباراة له مع اليونايتد، حقق للنادي بطولة الدرع الخيرية، بطولة كأس إنجلترا، بطولة الدوري الأوروبي.. سجل 28 هدفًا وهو أعلى من معدل أي مهاجم في النادي! بسن 35 سنة.