فهد بن جليد
يُحسب لحكايا مسك أنَّها نجحت في إظهار وجه المجتمع السعودي الجميل أمام نفسه أولاً قبل الآخرين، فهذا الاحتفاء بالإبداع والابتكار أقنعتنا من خلاله مسك بما يملكه شبابنا وشاباتنا من قدرات مُذهلة ومُشرِّفة تفوق كثير مما يُبهرنا عادة عند الغرب، والأجمل هنا أن منصات مسك قدمت فن صناعة المحتوى السعودي بتجرّد وبأبسط الصور المُبهِرة والمباشرة بين المبدع والجمهور دون حواجز، في وقت لم نتعود فيه على رؤية أنفسنا وأبنائنا وبناتنا بهذا الشكل، إنَّها باختصار مرحلة إعادة الثقة والارتقاء بالذات.
تصحيح الصورة بداخلك، وزرع الأمل في نفسك بأنَّك مجتمع قادر على الإبداع والابتكار والتطوُّر برقي، مسألة ليست بالسهولة التي قد نتصوَّرها، فقد سئمنا المُقارنات الظالمة والمُحطمة للأجيال السعودية المُتعاقبة، والتي عانينا منها طوال سنوات مضت نتيجة تعليقات وكتابات وتصورات وتغطيات خاطئة نُقلت عنا وترسخت في أذهاننا - قبل الآخرين - حتى ظننا أنّ وسائل الإعلام أخرجت أسوأ ما فينا، وحان الوقت أن نستعيد اكتشاف الحقيقة بشكل تدريجي، بما يضمن عدم استمرار هذه المعاناة أو نقل الصورة الخاطئة للأجيال السعودية المُقبلة، التي ينتظرها مُستقبل حالم مُذهل.
أرض مسك إن جاز لنا التعبير هي أرض الدهشة بامتياز، لذا أراهن بأنَّ كل زائر سيخرج بفائدة وإضافة إبداعية من هذه الحكايا والقصص والتجارب، وهو يرى السعودية بوجه جديد لم يألفه سابقاً - مع تقديرنا واعترافنا بفضل جميع المبادرات الأخرى -، إلا أن التحدي الأكبر هذه المرة يكمن في تقديم الدليل الملمُوس بين يدي الزائر، وفتح المجال أمامه لخوض تجربته الشخصية وإعادة اكتشاف نفسه، فلا أحد هنا يحاول أن يتعالى على الجمهور في ورش العمل أو المعارض أو الأركان، بل وحتى في منصات وحكايا الإعلام التي تقدمها أكبر وأشهر القنوات التلفزيونية، فالإبداع على بعد خطوات منك، ونجاح حكايا مرهون بالقدرة على إقناعك بأن تنضم إلى كوكبة المُبدعين، وتستطيع تقديم منتجك الإبداعي في المرة المقبلة، إنَّها فلسفة قصص إبداعية صاغَها شبابنا بكل اقتدار.
الإبداع لا جنس ولا جنسية له، ولكنَّه هنا كان سعودياً بامتياز بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهو ما يدعونا للتطلُّع إلى رؤية نسخ قادمة في مدن خليجية وعربية وعالمية، ليكتشف العالم معنا حقيقة الإبداع السعودي، الذي تعيد صياغته مسك بأنامل شبابها في حكاياها المُذهلة.
وعلى دروب الخير نلتقي.