د. أحمد الفراج
يمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، بأزمة هذه الأيام، وهي اختبار حقيقي له، كرئيس لدولة توصف بأنها زعيمة العالم الحر، والعالم الحر هو العالم الديمقراطي المتسامح، الذي يؤمن بحقوق الفرد، وحقوق الجماعات، أيا كان لونها أو عرقها أو دينها، والأزمة تتلخص في حراك عنصري، قامت به بعض جماعات اليمين المتطرف الأمريكي، وهي حركات نازية عنصرية، تؤمن بتفوق العرق الأبيض، وتعارض كل قوانين المساواة بين الأعراق، ويأتي على رأس هذه المنظمات، منظمة الكلو كلس كلان، التي نشأت في الجنوب الأمريكي، بعد انتصار الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، على الانفصاليين في الجنوب الأمريكي، الذين كانوا يعارضون تحرير السود، ولا تزال هذه هذه الحركة قائمة حتى اليوم، ويساندها عشرات المنظمات العنصرية الأخرى.
بعد هزيمة الانفصاليين العنصريين في الجنوب الأمريكي، في عام 1865، وإعادة الجنوب إلى الدولة الأم في واشنطن، تأسست منظمة الكلو كلس كلان، وتخصصت في ملاحقة السود، والتنكيل بهم، وكان لها أنصار في كل قطاعات الحكومة، أي الشرط والمحاكم وغيرها، وعانى السود من بطش هذه المنظمة لعقود طويلة، خصوصا وأنه تم تحريرهم من العبودية، ولكنهم ظلوا مواطنين من الدرجة الثانية بحكم القانون، فقد كانت هناك قوانين عنصرية صارمة للفصل بين البيض والسود، في المدارس والمواصلات وكل مكان يجتمع فيه الناس، وبعد حوالي القرن من الفصل العنصري، كان هناك حراك قوي من السود، وأحداث عنف جسيمة، جعلت الحكومة الفيدرالية تدرك أنه لا بد من عمل ما، قبل أن تنفجر الأوضاع، وتتحول للأسوأ.
في عام 1960، انتخبت أمريكا رئيسا شابا، اسمه جون كينيدي، وكان ديمقراطيا ذو كاريزما مبهرة، وحمل معه أجندات إنسانية، ضمنها العمل على تحقيق العدل والمساواة، ونصرة الفقراء، وقرر إنقاذ أمريكا من انفجار وشيك، بين السود والبيض، ولكنه اغتيل بطريقة مأسأوية، في مدينة دالاس، بولاية تكساس، في عام 1963، ورحل وهو في ريعان شبابه، ولا تزال قصة اغتياله لغزا يستعصي على الفهم، رغم مرور أكثر من نصف قرن على حدوثه، وآلاف الكتب والأفلام، التي تحدثت عنه، وخلفه نائبه، الرئيس ليندون جانسون، والذي لم يكن بإنسانية كينيدي، لكنه نفذ مشروعه، واستطاع تحقيق المعجزة، وذلك بإصدار قانون إلغاء الفصل العنصري، والمساواة بين البيض والسود، ورغم أن هذا القرار التاريخي سار على ما ينبغي حتى اليوم، إلا أن جماعات اليمين المتطرف لم توقف نشاطاتها العنصرية، وهو النشاط الذي بلغ أوجه، منذ انتخاب الرئيس ترمب، ولهذا قصة سنتحدث عنها في مقال مستقل.