د. عبدالرحمن الشلاش
فقد الوسط الفني العربي بعامة والخليجي بخاصة الفنان الكويتي الشهير عبد الحسين عبد الرضا -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-. تعازينا لأسرته ولكل من فقده من كويتيين وخليجيين وعرب. لم يعرف عن الفنان الراحل طوال مسيرته أي انحياز لمذهب أو طائفة، بل إنه في كل أعماله من مسرحيات ومسلسلات اجتهد في تقديم أعمال راقية متوازنة مبهجة للنفوس بعيدة جداً عن الإسفاف أو السقوط في مستنقعات التهريج والاستهزاء أو الإقصاء أو التحريض، بل إنه قدم أعمالاًً وطنية عظيمة نذكر منها مسرحية سيف العرب والتي ألقت الأضواء على أكبر حدث تعرّضت له الكويت الشقيق في تاريخها الحديث عند تعرضها للغزو العراقي الغاشم والظالم. في أعماله الكثيرة أظهر في جزء منها دعوات صريحة للوحدة الوطنية، دون أن يبدي أي تمييز للطيف الشيعي على بقية أطياف المجتمع، بل إنه نقد في إحدى مسرحياته بعض الأسماء والمسميات بأسلوب ساخر محبب ومنها اسمه .. احترم الناس وخصوصياتهم فاحترموه.
رحل أبو عدنان إلى جوار ربه محاطاً بالحب الكبير على كافة المستويات الرسمية والشعبية ومن زملائه ومن جماهيره العريضة جداً. مع أبي عدنان -يرحمه الله- عرفنا الكوميديا الراقية البعيدة عن التهريج والتصنع والصراخ، تميّز عن غيره كثر بكوميديا الموقف المعتمدة على قدرات خاصة لا يمتلكها سوى قلة في العالم العربي. تابعنا أعماله بشغف كبير. كنا ومازلنا إلى اليوم لا نمل من تكرار مشاهدة أعماله على سبيل المثال لا الحصر على هامان يا فرعون، ودرب الزلق، وباي باي لندن، وسيف العرب، والحيالة، وسوق المقاصيص. أعمال لا يمكن حصرها عالجت بطرق ساخرة وجميلة مشكلات وقضايا سياسية واجتماعية واقتصادية في الكويت والخليج والعالم العربي. بهذه الأعمال دخل الراحل القلوب النقية والنظيفة التي ترى في الفن وسيلة فعّالة لنقل الرسائل للمعنيين والترفيه عن الناس، وإدخال الفرح إلى قلوبهم، ورسم البسمة على شفاههم.
رحل راسم البسمة فدعا له بالرحمة خلق كثير لإدراكهم أنّ الرحمة بيد الله لا بأيدي البشر وأنّ دورهم فقط الدعاء والإلحاح فيه، وصمت آخرون وهذا شأنهم فربما الصمت أهون من تصرفات وسلوكيات أخرى. في المقابل ظهرت وجوه قبيحة ومقززة تدعو الناس لعدم الترحم عليه كعادتهم عند رحيل فنان أو ممثل أو مخالف من طوائف أخرى، لكن ما أثلج الصدور وقوف الغالبية ضدهم وتجريم مواقفهم والدعوة لاتخاذ مواقف قوية ضدهم.