عثمان أبوبكر مالي
أداء فريق كرة القدم - أي فريق - ليس هو (فقط) نتاج عمل ومجهود فني داخل المستطيل الأخضر، إنما هو إداري وفني وعناصري، عمل متكامل يبدأ من خارج الملعب، بالأمور التي تتطلب واجبات إدارية وورقية وتنسيقية وعقود وصرف مالي وتجهيزات لوجستية وغيرها، ويتكامل فنياً بالجهاز التدريبي ودوره في اختيار العناصر والأسماء ووضع برامج التدريب على المدى القصير والمتوسط والطويل، مع الاهتمام بالجوانب البدنية والفنية للاعبين وتطورات علم التدريب الحديث، التي تأخذ بالاعتبارات النفسية للاعب والتأثيرات الخارجية التي تساعده في تقديم ما لديه، وتدفعه لبذل أقصى جهد، وتحفزه للتفوق ومن ثم يتم ترجمة العمل على المستطيل الأخضر من خلال عناصر وأدوات اللعب.
أغلب أنديتنا تهتم بالأسماء الإدارية ذات الملاءة المالية لتولي المسؤولية فيها، وذلك أمر طبيعي جداً، فالمال هو لغة الحياة وأكسجين العصر، والكرة أصبحت صناعة تتطلب صرفاً وميزانيات عالية، لكن الفلوس وحدها لا تكفي ولا تحقق المطلوب أو تصنع فريق كرة القدم المنتظر، والإدارات التي تكتفي بلغة المال وحده وتعتمده إلى درجة (التفشخر) في صناعة فريق وجلب أغلى الأسماء والأجهزة الفنية وتقديم الرواتب العالية وإغراء نجوم الهواية والاحتراف بالأموال والهبات غالباً لا تنجح، وإذا قدر لها أن تحقق نجاحاً فلن يكون إلا وقتياً وضعيفاً، والسبب هو نقص أدوات العمل بإغفال جانب رئيس مهم في الاعتماد على جهاز إداري على قدر كبير من الدراية والتجارب والخبرات يقوم بمهامه وواجباته وكامل متطلبات الفريق وباستقرار وقتي كاف، من خلال شخصية مؤهلة أو لجنة مشكلة، مما يؤتي أكله ولو بعد حين، والاستقرار عادة يصنع روح الفريق الواحد.
هذا الموسم أعحبتني الخطوات التي أخذت بها إدارة نادي الاتفاق الشابة، فإدارة خالد الدبل - بعد عام من التجربة - أوكلت مع نهاية الموسم الماضي (القرار الفني) في فريقها إلى لجنة خاصة تضم عدداً من نجوم النادي الكبار السابقين، فكان عملهم (قبل حضور المدرب) خير معين لوضع فارس الدهناء في طريق العودة القوية التي تبدو ملامحها - بإذن الله - إذا استمر العمل والتدرج على النحو الذي بدأ من معسكر الخارجي وشاهدناه في بطولة تبوك وترجم (مبدئياً) في مستهل الدوري وسيكون أنموذجاً.
في نادي الاتحاد العكس.. فالإدارة الشابة التي ترتكز على داعم كبير، اعتمدت على نفسها وهي لا تملك الدراية، واكتفت بأسمائها وهي قليلة الخبرة، واكتفت بنظرتها وهي عديمة التجارب، فاتضح فشل معسكر مانشيستر وعدم الاستفادة من بطولة تبوك وسقوط كبير في أول الدوري، وهي مقارنة بإدارة الاتفاق على النقيض تماماً.
كلام مشفر
- قبل التعاقد مع الصربي (ميودراج جيسيتش) شكلت إدارة الاتفاق لجنة تضم ثلاثة من نجوم الفريق السابقين الكبار (صالح خليفة وعمر باخشوين وسمير هلال) وضعوا التصور والاحتياجات والترتيبات واقتراحات التعاقدات من وقت مبكر إلى أن جاء مدرب الفريق وتفرغ بعد حضوره للخطوات التالية والتفاصيل الفنية الدقيقة.
- مهمة اللجنة هي (القيام بمهام استشارية داعمة ومساندة للإدارة من أجل تسهيل مهام الجهاز الفني ومتابعة الفريق وتقديم تقارير لمجلس الإدارة)، وكانت بداية النتائج نجاحاً كبيراً لمعسكر (كارتيبية) في تركيا وتحقق أول الأهداف المرجوة، والتي عكستها مشاركة الفريق في بطولة تبوك الثانية.
- كنت أنصت في تبوك باستمتاع طوال أيام للثنائي خليفة وباخشوين، وهما يتحدثان بإسهاب عن مهام ودور اللجنة وما تجده من اهتمام وتقدير وعن العلاقة الوثيقة، بل عن (شراكة) مع الإدارة وعن كثير من باقي تطلعات لديهما لفارس الدهناء، وقلت فعلاً (ما حك جلدك مثل ظفرك).
- تعيين إداري لفريق الاتحاد قرار متأخر جداً، واختيار الكابتن أسامة المولد ربما تكون تجربة مقبولة تصنع منه إدارياً ناجحاً في المستقبل لكنه قرار (لا يكفي الحاجة) الماسة للعمل الإداري الفني الذي يحتاجه الفريق، والدعم الفني الذي يحتاجه مدرب الفريق.
- لا يستطيع منصف أن ينكر المساندة الكبيرة التي كان يجدها سييرا الموسم الماضي من رئيس النادي المهندس حاتم باعشن، ومن مساعده (الوطني) الكابتن حسن خليفة، وسيفتقد ذلك كثيراً، وقد ظهر ذلك أثناء المشاركة في بطولة تبوك وفي أولى مباريات الموسم، ولابد من بديل لتعويض ذلك.
- أمام الإدارة أحد أمرين إما أن تشكل لجنة فنية أشبه بلجنة الاتفاق (ولا عيب في ذلك) أو تعين مشرفاً عاماً للفريق يعمل تحت إمرته مدير الفريق مع أعطائه كامل الصلاحية، والأسماء القادرة عديدة.