عروبة المنيف
تشغل القضايا النسائية في الوقت الحالي متخذي القرار والمجتمع السعودي بجميع شرائحه؛ فقد ساهم المرسوم الملكي الصادر لجميع الجهات الحكومية في تمكين المرأة من الخدمات دون شرط الحصول على موافقة ولي أمرها ومراجعة الإجراءات المعمول بها حاليًا ورفع تقرير بها؛ بهدف حل الإشكالات المتعلقة بحقوق المرأة في التحرك باتجاه حل بعض القضايا النسائية العالقة. وقد بدأنا نلمس بعض تلك التحركات التي نتمنى أن تتسارع بشكل أكبر، ولاسيما تلك المواضيع التي تطالب بها النساء منذ فترة طويلة، كرفع الولاية عنهن وقيادتهن المركبة.
من تباشير المرسوم الملكي «صندوق النفقة»، الذي صدرت الموافقة على تنظيمه بموجب قرار ملكي منذ أيام، بحيث تكون له ميزانية مستقلة، ويرتبط بوزارة العدل مباشرة، ويتم من خلاله صرف النفقة للمطلقة التي لديها صك طلاق وحكم بالنفقة، ولا يلتزم طليقها بالدفع. ويصرف أيضًا للمطلقة التي لم يصدر لها حكم بالنفقة ولكن لديها صك طلاق، فتحصل المطلقة على النفقة من الصندوق بشكل مباشر، ويتابع الصندوق مع المطلِّق أو العائل في تحصيل النفقة منه؛ فلا تتعطل بذلك أحوال طليقته وأبنائه؛ ويكفي بالتالي المرأة شر الحاجة واستجداء من يعينها على طليقها في التوسط لديه للإنفاق على أولاده؛ إذ تبيِّن تقارير السجل الوطني لحالات العنف والإيذاء أن ما بين عامي 2011 - 2016 كان الطلاق أحد أهم أسباب العنف الواردة للقطاع الصحي. ولا يخفى على الجميع تبعاته السلبية على الأسرة بأكملها، وعلى المرأة والطفل على وجه الخصوص. وبدون شك صدور نظام «صندوق النفقة» سيخفف بشكل كبير من تلك الإشكالية.
ساهمت مؤسسات العمل الخيري غير الربحية بالشراكة مع جهات حكومية في خروج ذلك الصندوق إلى النور. لقد شاركت تلك المؤسسات في عمل دراسة عن «إجراءات ما بعد الطلاق»، وخرجت بتوصيات عدة، كان إحداها «إنشاء صندوق النفقة»، وتم رفع التوصيات في حينها إلى وزارة العدل. وقد حصلت الدراسة على جائزة «الأميرة صيتة بنت عبد العزيز للتميز في العمل الاجتماعي» لعام 2015، وتقاسمتها الجهات المشاركة بالدراسة، وهي «مؤسسة الملك خالد الخيرية، جمعية النهضة، مؤسسة الملك سلطان الخيرية، جمعية مودة وبرنامج الأمان الأسري».
إن للمؤسسات غير الربحية دورًا كبيرًا في تنمية المجتمع، وذلك من خلال وصولها لشرائح مجتمعية مهمَّشة؛ فهي حلقة الوصل بين تلك الشرائح ومتخذي القرار في الدولة بهدف إيصال صوتها ومطالبها، وما يتبع ذلك من سَنّ القوانين لصالح تلك الفئات المستضعفة، أو تعديل قوانين سائدة. وصندوق النفقة مثال حي على فاعلية الدور الذي تمارسه تلك المؤسسات. إن هذا الانتصار المحقق لفئة من النساء «المطلقات المستحقات للنفقة» يتطلب المبادرة بتأسيس «جمعية متخصصة في حقوق المرأة»، تساهم في عمل دراسات مفصلة عن الأوضاع الحالية للنساء، تشاركها المؤسسات والهيئات الحكومية لتحقيق أعلى نسبة من الدعم، فيتم حصر كل القوانين والإجراءات التي تعاني النساء من تبعاتها، وتقف حجر عثرة في سبيل تمكينهن، والخروج بتوصيات ترفع للجهات العليا، ويعطَى بذلك أولوية لملف قضايا المرأة الحقوقية.