عبدالوهاب الفايز
مساء الأربعاء الماضي افتتح وزير التجارة والاستثمار رئيس اللجنة التنفيذية لـ(تحسين أداء الأعمال في القطاع الخاص) الدكتور ماجد القصبي، مركز الخدمة الموحَّد لمبادرة «مراس»، في حي الصحافة شمال الرياض. في تلك الأمسية غاب عن المشاركة وزارة البلديات، رغم حضور 16 جهةً حكومية، وعندما تسألنا عن السبب قيل لنا: البلديات لم تجهز بعد! وكان هذا بحد ذاته حدثاً آخر، فالبلديات والأمانات أصبحت (عنق الزجاجة) الذي تتعثر عنده مشاريع القطاع الخاص، الصغيرة والكبيرة، وأكاد أجزم أن أغلب الحضور قالوا: (يا فرحه ما تمت!).
مبادرة (مراس) هي ثمرة لاهتمام سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالمشكلات والعوائق التي تواجه قطاع الأعمال، فقد وجَّه سموه بتشكيل لجنة تحسين الأعمال التي تضم 16 جهة حكومية، وعقدت هذه اللجنة عدة ورش عمل لاستقصاء العوائق أمام القطاع الخاص، بالذات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، واستمعت إلى مختلف الأفكار والآراء، وخرجت بمبادرة مراس التي نحتاجها بشدة مع احتمال ارتفاع أرقام البطالة مستقبلاً، وهذا يتطلب ضرورة تسهيل تراخيص إنشاء المؤسسات والشركات، وتسريع تراخيص الأنشطة التجارية والاستثمارية، بالذات للشباب، وكانت العقبة الكبرى هي تشتت جهات منح التراخيص وتعقيدات إجراءاتها!
المركز الجديد باشر تقديم الخدمات الحكومية في مكان واحد، وسوف يتم التوسع في هذه المراكز بالتعاون مع الغرف التجارية، ومع اكتمال تطور الخدمات الإلكترونية في الأجهزة الحكومية يأمل المسؤولون في وزارة التجارة أن تكون (مراكز افتراضية)، أي بدون الحاجة إلى افتتاح فروع عديدة في المدن.
هذه نقلة نوعية كنّا ننتظرها حتى ترتاح الناس من (مرمطة التنقل) بين الإدارات الحكومية، والآن مراكز الخدمة الشاملة تتيح دخولاً موحّداً للخدمات التي يحتاجها قطاع الأعمال، ويقدّم مركز مِراس الخدمات الحكومية الإلكترونية لقطاع الأعمال والمستثمرين في المملكة عبر 40 خدمة إلكترونية حكومية، مثل خدمات السجل التجاري الإلكتروني، فتح ملف منشأة في وزارة العمل، إصدار رخص العمل، ترخيص الصالات والمراكز الرياضية، الاستفادة من خدمة توثيق العقود لدى وزارة العدل، التسجيل والتفعيل في خدمة (أبشر)، وغيرها من الخدمات الحكومية.
طبعاً مبادرة (مراس) سوف تتوسع في خدماتها، مثل (تقديم خدمات خاصة) مدفوعة لمن يرغب من العملاء، ومثل هذه الخطوة سوف تسهل للمقتدرين مالياً أعمالهم على مدار الساعة، وأيضاً تضمن مورداً مالياً يساعد في تحسين الخدمة وتوسيعها، وهذا نموذج إيجابي عملي لتخصيص الخدمات الحكومية. أيضاً في المراحل القادمة سوف يقدّم الموقع دروساً إرشادية لمعرفة كيفية بدء ممارسة الأعمال التجارية.
أيضاً سوف يقدم المركز عبر منصاته الرقمية خدمة عرض الفرص الاستثمارية، الاستشارات، البيانات الاستثمارية والتدريب، وهذه سوف تساعد أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة على رفع إمكانياتهم، والحصول الخدمات المالية المناسبة من البنوك المحلية، شركاء المبادرة. والجانب الذي يهمنا كثيراً هو إيجاد العديد من (فرص العمل) للشباب السعودي عبر الوسع في هذه المراكز مع الجهات المشاركة مثل الغرف التجارية.
المسؤولون في وزارة التجارة يتطلعون لثمار هذه المبادرة على قطاع الأعمال، وعلى تحسين موقع المملكة في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال في تقرير التنافسية العالمي، والتقدّم في هذا الجانب سوف يحقق أحد أهداف (رؤية المملكة 2030). الأمر المهم الذي يتطلع إليه وزير التجارة وقيادات الوزارة هو خفض المدة اللازمة للحصول على رخصة ممارسة النشاط التجاري إلى (يوم واحد) لأغلبية النشاطات، وتحقيق هذا الهدف ليس بعيداً إذا تعاونت الجهات الحكومية.. (بالذاااااات البلدياااات!)