فوزية الجار الله
نعترف به ولانريده.. نقر باستبداده ولكننا نحاول جاهدين نفيه خارج منازلنا يومياً، في كل لحظة كما ننفض ذرات الغبار، تماماً كما يحدث في عملية النظافة، كل الأشياء المنتهية الخدمة والصلاحية نرمي بها إلى الخارج لبث الحياة في زوايا منازلنا.
الموت هو ذلك الضيف الذي نعرفه جيداً ونردد دائماً بأنه الحق الذي لابد منه وفي الوقت ذاته، هو العدو الذي يترصد بأفراحنا ومباهجنا، هو تلك الحقيقة التي نقر بها وفي الوقت ذاته نرفضها بكل ما أوتينا.
كم يبدو مؤثراً موت طفل صغير لم يشهد الكثير من هذه الحياة، لكن يبدو محزناً أكثر رحيل الرمز، الاسم الشهير، الشخصية ذات الكريزما الرائعة التي لا تتكرر، ذلك الإنسان العظيم الذي اعتدنا أخباره وأصبح علامة فارقة لزمننا وهذا ما حدث في غياب عبدالحسين عبدالرضا.
عبدالحسين الذي أصبح علامة فارقة من علامات الفن ما بين التلفزيون والمسرح وله في مكتبة التلفزيون الكويتي والخليجي أعمالاً رائعة لا تنسى أذكر منها بعض المسرحيات مثل (بني صامت، على هامان يافرعون) وبعض المسلسلات الشهيرة مثل (الأقدار، درب الزلق، الحيّالة).. غياب عبدالحسين عبدالرضا ذكرني بشخصية أخرى، كان زميلاً له ومشاركاً أساسياً في كثير من أعماله، ذلكم هو خالد النفيسي ذو الحضور الآسر والأداء المميز، كان أبي -رحمه الله- من عشاق الفن الخليجي الكوميدي، كان متابعاً لخالد النفيسي وعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج والبقية من زملائهم في أعمالهم المميزة، كان يستغرق في الضحك على ما يراه معروضاً من أعمالهم، وقتها كانت تجلجل في أرجاء منزلنا صدى الضحكات على كثير من أعمال عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج والنفيسي، كنا نتابعها على أشرطة «فيديو» وكنا لا نمل إعادة تشغيلها والاستمتاع بمتابعتها، ولذا حين توفي عبدالحسين عبدالرضا تذكرت رحيل أبي -رحمهم الله جميعاً-.
تميز عبدالحسين عبدالرضا بالصدق في الأداء والإخلاص في العمل والاحترام لمهنته، عدا إنسانيته وتواضعه وطيبته التي يشيد بها كافة زملائه والمقربون منه.. عبدالحسين كان يمثل ركناً عظيماً من أركان الفن المسرحي والتلفزيوني، وحين غاب سقطت هذه اللبنة وتركت فراغاً عظيماً ليس من السهل أن يتم تعويضه بشخص آخر بمنتهى البساطة كما كان الحال مع عبدالحسين فقد كان كياناً مميزة وتجربة مختلفة.
وفي الختام لا نقول سوى إنا لله وإنا إليه راجعون.. أصدق التعازي لزوجته وأبنائه وأهله ومحبيه، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.