د. خيرية السقاف
عرِف عن مجتمعنا أنه مركب في سلوك أفراده من عناصر متينة أهمها الأخلاق لذا فهي مصانة في صندوق الذات لا تجرؤ نفس على أن تتجاوز غطاءه ولا تكسر جانبا فيه..
وأخلاقنا عصبة تبدأ بالحياء, والدماثة, والقول الحسن, وتوقير الكبير, والتأدب مع الصغير, وعدم الفحش في القول, والخجل من البذاءة, وحين التحدث فبرفق, وإيصال الرأي بلطف, وتقديم المشورة بلين, واستخدام اللفظ النقي من شوائب السيء منه, وعدم التدخل في شؤون الآخر إلا متى استعان, والتعبير عن القناعة بوضوح.. وتجنب الاستعداء على الغير, وتجاوز المكروه منه, وتقديم المشورة إن طلبت في حدودها, ونصرة الصدق والحقيقة بنبل في مواقفها, والكرم في العطاء تعليما وتهذيبا للنشء, ومن يحتاج, والوضوح في السريرة براءة من الغش, والحقد, والكراهية, ومحبة ما للنفس للغير, وعدم السطو بالنفوذ عليهم وإن كان بكلمة منطوقة, أو مدونة بجرة قلم..
هذا الصندوق ما كان ليُفرج عن ضلع في جوانبه ويخرج عنه مفرِّطون لولا أن أمرًا قد شاب سلوك هؤلاء الأفراد الفكري, والوجداني, فصدَّع صلابته فيهم, ونخر في بنائه داخلهم, وفي سلوكهم..
الدليل, أن لا شاهد أقوى من هذه القرارات الرسمية التي صدرت, وأفضت إلى توقيف, ومحاكمة "النيابة العامة" لكل من يخرج عن صندوق أخلاقنا, وآدابنا..
هذه القرارات الحازمة جاءت لكبح جماح المسرفين خروجًا عن الصندوق..
الأمر الذي يطمئن إلى الضبط, والحماية الفردية, والعامة ممن تجاوز سقف أخلاقنا, ونبل مقاصدنا, وسلامة نهجنا, وسمات سلوكنا..
هذا الأمر في الوقت نفسه يترك في النفوس أسى عميقا إذ كيف للمجتمع ذي الفضائل, والقيم, ورفيع الأخلاق أن يصبح فيه من الناس كثر خارج صندوقها؟!