ثامر بن فهد السعيد
منذ أن أطلق نائب الملك الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رؤية المملكة 2030 كانت أولى المبادرات التي تبناها سموه حينها الشفافية، حيث تعد أحد أهم المؤشرات التي تعطي قدرة أكبر لمراقبة ومتابعة سير الأعمال والبرامج المعلن عنها والمبادرات بما فيها برنامج التحول الوطني 2020 وخطة التوازن المالي التي تهدف من خلالها المملكة الوصول إلى ميزانية متوازنة من حيث الإيرادات أولاً وترشيد وكفاءة أعلى ثانياً في المصروفات الحكومية وطريقاً إلى تنويع قاعدة الاقتصاد.
ظهر ذلك واضحاً في الإعداد لأولى ميزانية قبل أن يترجل معالي الدكتور إبراهيم العساف من وزارة المالية, وبعد تولي معالي الوزير محمد الجدعان وزارة المالية أحدثت الوزارة نقله ملموسة في طريقة إعداد وسرد الميزانية وبنودها، بل حتى إن المؤتمر الإعلامي المصاحب لإعلان الميزانية اختلف عن ما كان عليه سابقاً فلم تعد الميزانية وبنودها ملفاً يوجد فقط على موقع الوزارة أو عبر الوسائل الإعلامية وإنما أصبح يحظى بمؤتمر إعلامي مفصّل يشرح ويفصّل البنود الموجودة فيها بشكل مبسط وواضح يتيح لجميع المتلقين بجميع اهتماماتهم واختصاصاتهم مقدرة متساوية في معرفة ما تحتويه هذه الأرقام أو ما ينتظر المالية العامة من حيث التقديرات مستقبلاً.
منذ الإعلان عن أرقام الميزانية للعام المالي الحالي 2017 تمكنت الوزارة من لفت الأنظار لها من خلال ملف التوازن المالي وهو الملف الذي وضعت فيه الوزارة كل الخطط المستقبلية لأي أعباء مادية قد يتحمّلها المواطن والمقيم حتى العام 2020. بعد هذا أطلقت الوزارة مبادرة تهدف إلى شفافية أكبر، حيث بدأت الوزارة إطلاق العموم على مسار وأداء الميزانية بشكل ربعي انطلاقاً من الربع الأول للعام المالي الحالي.
أظهرت أرقام الميزانية للنصف الأول من العام الحالي حجم إيرادات بلغت ما يقارب 308 مليارات ريال سعودي في حين أن إجمالي المصروفات الفعلية خلال النصف الأول بلغت 380.7 مليار ريال ما يجعل العجز لهذه الفترة عند 72.7 مليار ريال، شكّلت الإيرادات النفطية 69 % من إجمالي الإيرادات الحكومية وشكلت الإيرادات غير النفطية للحكومة 31 % قرابة 95 مليار ريال. على الرغم من تراجع حجم الإنتاج النفطي في الربع الثاني من العام الحالي سجّلت الإيرادات للربع الثاني رقماً أكبر مما تم تحقيقه سواء في الفترة المقارنة أو بالربع الأول 2017 بفضل تزايد الإيرادات الحكومية الأخرى والتي من المقدر لها أن تتزايد تباعاً مع مشاركة إضافية للرسوم أو الإيرادات الأخرى التي تم إقرارها ضمن الجدول الزمني للتوازن المالي.
على الرغم من أن الوزارة تمكنت من ترشيد الإنفاق حتى عمّا هو مخطط له وكذلك أيضاً فالعجز الحكومي منخفض بالمقارنة مع التقديرات السابقة بداية العام المالي الحالي 2017 وهذه إشارات واضحة عن مدى المراقبة الدقيقة التي توليها الوزارة هذه الجوانب المؤثّرة على المالية والموازنة إلا أن المتابع لأرقام الميزانية يلمس تراجعاً في جانب الإنفاق الرأسمالي والذي يعد أحد أهم المحركات الاقتصادية للبلاد وهذا في تقديري هو أهم تحد يواجه صانع القرار والمالية مجتمعين، حيث إننا وخلال فترة إعادة الهيكلة الشاملة التي تشهدها المملكة لا بد وأن نراعي ونراقب مؤثّرات الإنفاق على النمو الاقتصادي, اليوم تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي في البلاد صفري تقريباً مع ميول طفيف للنمو, يجب أن يراعى بقاء الإنفاق الحكومي الرأسمالي محرك رئيس للاقتصاد حتى يصل الاقتصاد إلى هدف الاستقلالية المرسوم له.