أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أقوى المؤثرات في بناء شخصية الإنسان اليوم (الصداقة)، فجماعة الرفاق- في نظري- هم قوة الجذب التي تحرك شبابنا وفتياتنا خاصة ذات اليمين حيناً وذات الشمال أحياناً، ومع أهمية هذا الأمر وخطورته فإن شريحة عريضة منا لم تفكر من قبل في أسئلة الصداقة التي يجب أن يطرحها كل إنسان على نفسه، ويحاول الإجابة عنها بصدق وتجرد وحيادية، صغيراً كان السائل نفسه أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، نظراً لأهمية الصداقة ودورها الرئيس في بناء التصورات الذاتية واكتساب القناعات الشخصية، واقتراف السلوكيات المجتمعية حسنة كانت أم سيئة، أقول هذا الكلام ونحن نعيش عالمين: «حقيقي» و»افتراضي»، ولنا في كل عالم من هذين العالمين أصدقاء وأصفياء، البعض منهم معروفون لنا اسماً ورسماً، والبعض الآخر مجهولون صفة وحالاً، وللأخير «الافتراضي» - كما هو معلوم - طبيعته واتساعه وخطورته خاصة على من هم في سن المراهقة من الجنسين، ولذا كان لزاماً الحديث عن هذا الموضوع الخطير في عالم الصداقة المفتوح الذي ليس له ضوابط ولا محددات كما هو الحال من قبل، حين كان ابن الجيران المعروف أباً وأماً أو ولد العم والخال أو ... هو صديقك المقرب إليك، الذي تبوح له بسرك وتشكي له همومك، وتفضي إليه بمكنونات صدرك وخفايا جراحك، ولكون أسئلة الصداقة هذه أسئلة مفتوحة وليس لها إجابة واحدة أو مواصفات ثابتة تصلح للجميع وتنطبق على الكل فإنني أسوقها هنا تباعاً مع تأكيدي لأهمية مطارحتها الإنسان نفسه والإجابة الصادقة عليها، ترى:
* ما مواصفات الصديق الحقيقي في نظرك، وهل تختلف عمّا سطره السلف والخلف في هذا الباب؟
* ما الفرق بين الزميل والصديق في اعتقادك؟
* كم من الزمن تحتاج حتى تجزم أن هذا الإنسان الذي تخالطه أو تتحدث إليه عن معرفة- طويلة كانت مدتها أو أنها قصيرة- بلغ مرتبة الصداقة التي تعتز بها؟
* كم هم أصدقاؤك اليوم، وهل ترى أن كثرة الأصدقاء مزية للإنسان أم عيب ومثلبة؟
* كيف تم اختيارك لهؤلاء الأصدقاء الذين هم حولك الآن؟ هل هي الصدفة التي جمعتك بهم، أم أنك اخترتهم على أساس واضح وسلوك بيّن تعتقد أنه سبب من أسباب نجاح مشروع الصداقة معهم في المستقبل، أو أنه مجرد تعارف عابر في جلسة واحدة وربما من خلال تبادل رسائل خاصة عبر الشبكة العنكبوتية التي هي بحق من أهون خيوط الصداقة وأخطرها على الإنسان في عالمنا المعاصر؟
* كم من الوقت أمضيته بحثاً عن الصديق الذي تظن أن صداقته لك صداقة حقيقية وتتصف بالديمومة وليست من أجل مصلحة عارضة سرعان ما تزول متى تغير الحال؟
* هل جربت الفشل في صداقة بدأتها ومددت جسورها يوماً ما وكنت تتطلع أن تدوم؟ ولماذا مُنيت هذه التجربة الخاصة بالفشل في نظرك؟
* كيف تضمن استمرار صداقتك مع من تحب وتتمنى أن يكون قريباً منك طوال حياتك ؟
* هل تعد المتابعين لك في مواقع التواصل الاجتماعي أصدقاء؟ ولماذا؟
* لماذا يبحث المغردون والسنابيون عن الشهرة؟ أهو التعطش لزيادة عدد الأصدقاء في عالم حر مفتوح؟
وأخيراً ستكشف لك الأيام أن كثيراً من صداقاتك بنيته على شفا جرف هار، فكن على حذر، وتنبه لهذا الأمر قبل فوات الأوان، احرص حين التفتيش عن الصديق الحقيقي على أن تكون أنت في نفسك صديقاً مثالياً، وإلا سينفض الأصدقاء من حولك وستخسرهم واحداً تلو الآخر، وتذكر جيداً أن الصديق هو أخوك الذي لم تلده أمك، وإياك إياك أن تفضي بسرك إلى من تظن أنه صديق لك وهو في الحقيقة عدو أو حاقد وحسود، دمتم بخير والسلام.