فهد بن جليد
اجلس على عظام الفخذين من الأسفل حتى تملأ المقعد بالكامل، ولا تتكئ على العصعص أو تجلس على طرف الكرسي بحثاً عن الجلسة المثالية أمام الكاميرا، فبالطريقة السابقة تستطيع أن تكون مرتاحاً، ويصبح ظهرك مشدوداً بشكل طبيعي، دون تكلف أو تصنع مُرّبك، حيث يمكنك التحدث بكل ثقة أمام الجمهور، دون أن تقلق على مظهرك وشكلك.
هكذا بدأ خبير تدريب متحدثي وموظفي العلاقات العامة حديثه في ورشة العمل، التي كان يبحث بعض حضورها عن مُصطلحات وكلمات جديدة، يستطيعون بها تلميع صورة الجهة التي يتبعون لها، أو تجارب عن كيفية الهروب للأمام عند التعاطي مع وسائل الإعلام.
أهم المهارات والسمات المفقودة اليوم -برأيي- لدى كثير من المتحدثين الإعلاميين الذين يخرجون علينا عبر وسائل الإعلام، هي القدرة على الإقناع بكل أنواع الاتصال سواء الجسدي أو اللفظي أو حتى الحرفي مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ناتج عن الفقر الشديد في فهم فنون الاتصال بين المنظمة والجمهور، الذي يترافق مع نقص الخبرة في تفاصيل العمل أو فهمه، وعدم خضوع المتحدث أو الناطق الإعلامي للكثير من المؤسسات إلى أي برنامج تدريبي، أو تأهيلي لكيفية القيام بدوره المُنتظر -بعد وقوع الاختيار عليه أو ترشيحه- وتركه يخوض التجربة بين الخطأ والصواب، ومن يدفع الثمن دائماً هو الجمهور وصورة المؤسسة.
في بعض المنظمات الأجنبية هناك انتخابات ومسابقات ومعايير صعبة ومُعقدة للفوز بوظيفة متحدث إعلامي، إيماناً بدور هذا الشخص، بينما لدينا تشعر أن الاختيار يقع أحياناً بحسب الشكل، أو العلاقة الشخصية مع رئيس المنظمة، ومعايير أخرى لا يبدو من بينها الخبرة أو الفهم والتدرج الوظيفي في العمل، فالمتحدث الذي يخرج من رحم المنظمة -تأثيره أكبر بعد تأهيله- عكس ما نشاهده من استقطاب بعض المؤسسات لوجوه جماهيرية للقيام بالمهمة، فهناك فرق بين مذيع يقرأ نشرة أخبار، وبين متحدث إعلامي يُلقي بياناً أو تصريحاً لمؤسسة.
لا خوف من ضعف مهارة الحديث والقدرة على توليد الألفاظ لدى بعض أصحاب الخبرة، فهذه الأمور لا تولد بالفطرة، بل هي فن مُكتسب يمكن تنميته وتطويره بالتدريب والثقة والمُمارسة، حتى في طريقة الجلوس والتعاطي مع وسائل الإعلام كما شاهدنا أعلاه، لذا نصيحتي لكل رئيس مؤسسة أو صاحب قرار فيها أن يختار المتحدث الإعلامي لمؤسسته من بين فريق العمل، بعد تدريبه وتأهيله إعلامياً فهذا أفضل بكثير من الاستعانة بمتحدث مُحترف، يجيد اللعب بالألفاظ، ولكنه لا يملك الدراية والاطلاع الكامل بتفاصيلها.
وعلى دروب الخير نلتقي.