د. أحمد الفراج
منذ بدء مقاطعة دولة الحمدين في قطر، شهدنا أحداثا جساما، لم نكن لنشهدها، لولا هذا القرار التاريخي الشجاع، الذي وضع حدا لسياسات التشويش والتخريب، ودعم الكيانات الإرهابية، ومحاولات قلب نظم الحكم في أكثر من دولة خليجية، وهي غيض من فيض سياسات هذه الدولة، التي ولدت بعد انقلاب حمد ابن خليفة على والده، وتحويله لهذه الدولة الخليجية المستقرة إلى مركز استخبارات دولي، مهمته دعم الأعمال القذرة، لصالح نرجسيته وطموحه اللاعقلاني أولا، ولصالح مؤسسات غربية ثانيا، وما الربيع الاوبا-إخواني، الذي تولت حكومة الحمدان كبر دعمه، إلا مثال حي، لا نزال نشهد عواقبه الوخيمة، التي نتج عنها دمار دول بكاملها، ومقتل ملايين البشر الأبرياء، والبقية في الطريق.
ولو لم يأت من حسنات قرار المقاطعة إلا السقوط المروع لتنظيم الإخوان المسلمين السعودي لكفى، هذا التنظيم الذي تغلغل في مفاصل الوطن، وحول مجتمعنا المسالم، المتصالح مع نفسه، إلى تيارات تتناحر فيما بينها، فتنظيم الإخوان المسلمين لا ينمو ويزدهر إلا في بيئة الشقاق والتناحر، وذلك ليسهل عليه استخدام الدين لأغراض الاستقطاب، ولكن كل هذا ذهب أدراج الرياح، وسقط التنظيم سقوطا مدويا بقرار شعبي، وذلك بعد قرار مقاطعة قطر، ووقوف اخونج المملكة ضد بلادهم، وهجومهم الشرس على الإعلام السعودي الوطني ورموزه، ويجب التنبيه على نقطة في غاية الأهمية، وهي أن من أسقط اخونج المملكة هذه المرة لم يكن التيار التنويري، أي المثقفين والكتاب والإعلاميين، بل الشعب السعودي ذاته، وأعني الأغلبية الصامتة، التي كان التنظيم يستخدم الدين للتغرير بها، وهذا إنجاز وطني عظيم.
تخبط اخونج المملكة هذه الأيام لا تخطئه العين، فهم في أزمة كبرى، بعد أن تمايزت الصفوف، وسجلت المواقف، وشهد التاريخ على أنهم وقفوا مع دولة أخرى، كانت تخطط لتقسيم لبلادهم، وقد تبع ذلك كشف بعض المستور، بخصوص علاقتهم بقطر، ودعمهم لمشاريعها التخريبية ضد وطنهم، فتحولت حساباتهم في وسائل التواصل للإعلانات التجارية المدفوعة الثمن، بعد أن كانت تختص بالتحريض، وإثارة البلبلة، بأوامر قطرية، وهرب منهم من هرب، تفاديا لتساؤلات الشعب السعودي، الذي كشف حقيقتهم، وبدأ يطاردهم بالتساؤلات، التي لا يستطيعون الإجابة عليها، أما سفيرهم، الذي دمرت مقاطعة قطر بقية طموحاته، فقد كسر قلمه، لأنه لا يستطيع مواصلة التدليس، واللعب على المشاعر والحبال، ولئن كنا قد تنبأنا بسقوط اخونج المملكة يوما، فإننا، وللحق، لم نتوقعه بهذه السرعة، وبقرار شعبي، فشكرا لهذه المقاطعة المباركة.