د.عبدالعزيز الجار الله
رحل حسين عبدالرضا وبرحيله بدأ يتساقط جيل الحجر والطين في الخليج، الجيل الذي بارك الله به تحمل تحولات الخليج العربي مرحلة ما قبل النفط حيث ولد حسين عبدالرضا أو حسينوه عام 1939م رحمه الله رحمة واسعة بين الحربين العالميتين، الأولى انتهت 1918م والثانية انتهت 1945م، وشهدت الخليج بعد الحرب انزياح ورحيل الاستعمار الأوروبي عن الخليج آخرها في أوائل السبعينات الميلادية، هذا الجيل الذي تشكل داخله حسين عبدالرضا عاش الزمنين زمن ما قبل الطفرات الاقتصادية حتى أوائل السبعينيات وزمن الخليج ما بعد النفط، وهذا المزج المتباين بين زمنين هو الذي شكل حسين عبدالرضا وجعله وسطي في تعامله الفني والثقافي والاجتماعي.
نجاح وشعبية ومحبة حسين من هذه التوليفة الاجتماعية والمزجة الخليجية فلم يغرق في مياه الخليج وينغمس في تقعر لهجة الكويت واللغة الموغلة في محليتها، ولم يتعصب لموقف أيديولوجي واضح ويغرق داخله وبخاصة بعد الحرب العراقية الإيرانية 1980م وحتى أزمة مقاطعة قطر 2017م، فقدم الوجه التقليدي الشعبي، بلباس رجل الأعمال المتحضر، وبمشاعر وحنين الأمس ورائحة الماضي، وفكر وهموم الحاضر وتقلباته السياسية، لذا قدم درب الزلق والأقدار ليوثق حياة جيل الحجر والطين، وبالمقابل قدم باي باي لندن وفرسان المناخ وسيلفي لجيل ما بعد النفط والألفية الثالثة.
نبعت محبة الناس للفنان حسين عبدالرضا من قدرته على المحافظة على مرتكزات عدة: حبه المفرط لناس وبيئة الخليج العربي، وتقديمه للهجة محكية بلغة إعلامية قريبة جدا من عواصم الخليج وليست اللهجة الغارقة في البيئات القديمة، أيضا تجنبه من الغوص في الاتجاهات المؤدلجة التي تباعد وتتخندق، فنجده ينحاز دائما للقضايا الوطنية العامة التي تهم الأكثرية وتؤثر على معيشتهم، ويعمل على إسعاد الناس، مع محبته لمجاله الكوميديا حيث جعل منها أدوات للمعالجات الدرامية فلم ينساق إلى التهريج ولا يبالغ في الحدية فكان مقبولا ومرغوبا في طروحاته رغم أن الخليج العربي مر بهزات سياسية واقتصادية واجتماعية وبقي (حسينوه) كما رسم لنفسه صور الخليجي المحب لمحيطه وناسه.