عمر إبراهيم الرشيد
لن أملأ مقالي بالتنظير حول مسألة معروفة للجميع بداهة، وهي مكانة ودور الطبيب في المجتمع، فالمسألة ملازمة للوجود الإنساني ذاته. سأحكي قصتي الشخصية مع أطباء سعوديين وكيف تعاملوا مع ابني الأكبر حين احتاج إلى عملية في القلب. ذهبت إلى أحدهم وكان طبيب قلب في أحد المستشفيات الخاصة، وبعد الفحص على الابن أكد لنا حاجته إلى إجراء عملية في القلب هي الثانية له، وبعد سؤالي إن كان للابن ملف في مركز الأمير سلطان للقلب وإجابتي بالنفي، تكفل بفتح ملف للابن في المركز وبكل أريحية ورحابة صدر. أما مركز الأمير سلطان للقلب في مستشفى القوات المسلحة فغني عن شهادتي، ومع ذلك فمستوى العناية الطبية والقدرات البشرية فيه من أطباء وطبيبات، وممرضين ومساندين وإداريين من الجنسين تذهل ويصعب وصفها، وأقل الكلام عن هذا المركز أنه يشبه خلية النحل في المثابرة ودورة العمل وكفاءته.
أعود لأصحاب الأيادي البيضاء وهم الأطباء والطبيبات السعوديون، فقد كان تعاملهم معنا ملجماً للسان فلم استطع شكرهم كما يستحقون لأن المشاعر حينها كانت طاغية مزدحمة، تحتبس معها الكلمات. وفي هذا المقال لا بد لي من ذكر أسمائهم عرفاناً وتبجيلاً لدورهم في إجراء العملية ومتابعة حالة الابن إلى هذا اليوم. فالشكر والحمد لله تعالى ثم للدكتور أحمد الفقيه الذي قام بفتح الملف في هذا الصرح الحكومي العزيز، وللدكتور خالد النجاشي الذي أجرى بأياديه البيضاء تلك العملية الدقيقة في القلب، وللدكتور خالد دغريري الذي تابع الحالة هو وباقي زملائه وزميلاته الطبيبات. وعندما يعجز المرء عن مكافأة وشكر من أغاثه فلا أحسن من الدعاء لله تعالى بأن يزيدهم من فضله وتوفيقه، هم ومن عمل معهم أياً كانت طبيعة عملهم، ذلك أنهم يسروا أن نستفيد من خدمات هذا الصرح المشرف وفتحوا الباب بترحاب لتوفير هذه الخدمة الحكومية الجليلة، حفظ الله هذا الوطن ومد في عطائه وإنجازاته.
وليس هذا مقالي الوحيد عن أطبائنا وطبيباتنا السعوديين، فقد سبق وكتبت عن الدكاترة، عبد الله الربيعة المختص بفصل التوائم الذي عرف عواصم العالم بإنسانية المملكة، الدكتور فيصل العتيبي المختص بعلاج الاختلال العصبي الجسماني في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومعه الدكتورة أمل مقيم المختصة بعلاج أعصاب الدماغ وهما يقدمان طرقاً مبتكرة على مستوى العالم. ولا ننسى الدكتورة غادة المطيري عبقرية الأبحاث المعقدة في استخدام أحدث الأساليب في الجراحة، وغيرهم الكثيرين مما لا يسع المقام لسردهم وإنما هي لفتة وتنبيه للغافل، أو من يقلل من شأن الأطباء أو يعتبرهم عبئا على الحكومة - أيدها الله - أياً كان موقعه في المسؤولية والإدارة، وهذا ما يؤكد عليه ملك الحزم والعزم أن الإنسان السعودي هو أساس النهوض والتقدم، طابت أوقاتكم.