لبنى الخميس
نظلم النجاح حين نصوره بمقاييس تعجيزية وخصائص خرافية لا يمكن أن يحققها الإنسان العادي ببساطة.. الوصول لمنصب رفيع.. جمع رصيد ضخم.. تأليف الكتاب الأكثر مبيعاً.. تصميم التطبيق الإلكتروني الأعلى استخداماً .. وضع صورتك على غلاف المجلة الأوسع انتشاراً.
ببساطة هذا نوع فاخر وجميل ومتقدم من النجاح.. لكن لا يعني أبداً بأنّ رحلة بناء الذات خلفه ليست سلسلة من الخيارات الناجحة.. مثل تجاوزك عثرة.. اكتسابك لمهارة.. توسيع دائرة علاقاتك.. تطوير ثقتك وأسلوب تقديمك لنفسك.. عدم استسلامك للظروف والإحباطات الاجتماعية.. كل هذه نقاط رائعة تحسب لك. قد لا تكون أكبر طموحاتك.. ولا أثمن أهدافك.. لكنها انعكاسات رائعة لقيمك في الحياة.. قيم الإرادة والإصرار والطموح وإدراك معاني استخلافك في الأرض.
وبمناسبة الحديث عن النجاح بمختلف أحجامه وصوره.. اسمحوا لي أن أشارككم قصة نجاح ملهمة في بداياتها.. تشق طريقها بإصرار وإرادة نحو التميز..
قبل أسابيع قليلة أكمل أخي الصغير عبد الرحمن سنة من إرجاعه قسراً من الولايات المتحدة إلى السعودية.. رغم أنه كان طالباً منتظماً ضمن حملة استهدفت مجموعة من الطلاب السعوديين في عهد أوباما.. حين عاد عبد الرحمن من كاليفورنيا حيث أسس له حياة، وبنى علاقات صداقات متينة، ورسم أحلام التخرج مع فوج أصدقائه، كان يملك كل الأسباب المنطقية للدخول في حالة إحباط ويأس لامبالاة، بالإضافة لشعوره بالظلم تجاه القرار التعسفي بإرجاعه للسعودية دون سبب قانوني أو منطقي ينص على ذلك. إلا أنه وبعد صدمة دامت أسابيع قليلة، كان يمتص خلالها تبدل حاله وتقلب أحواله، انتفض على واقعه، وقرر أن يصنع قصة جديدة في وطنه بدلاً من أن يندب حاله ويرويه بألم وحسرة لكل شخص يقابله، وخلال عام واحد فاجأ أُسرته وأصدقاءه بتحقيقه الآتي:
فاز في انتخابات طلاب جامعة اليمامة التي انضم لها بعد عودته، وأصبح الرئيس العام للمجلس الطلابي والاستشاري بالجامعة.. وأسس ديوانية 2030 التي تهدف إلى استضافة شخصيات خليجية ناجحة تروي قصصها لتحفيز الشباب وغرس الإرادة والهمة في عقولهم وقلوبهم. بالإضافة إلى أنه كان مع الفريق الوحيد الممثل للجامعات السعودية في البطولة الدولية لمناظرات الجامعات باللغة العربية بمشاركة أكثر من 80 جامعة من 50 دولة. وأخيراً تم تعينه كنائب مجلس إدارة مجموعة فينا خير التطوعية، كل ذلك حدث في عام واحد. لا أدعي بأني لا أشارككم هذا الإنجازات بدافع الفخر.. فأنا أخت فخورة فعلاً وهي ترى أخوها الصغير يشق طريقه رغم التحديات.. ولكن رسالتي من خلال هذا المقال أعمق وأبعد من ذلك الفخر، وهي أنه أمام كل تحدٍّ يتجلى أمامنا خياران.. الانهيار أو الانتصار.. ولكن الأهم أن تعرف بأنّ الانتصار طريق قد لا تظهر معالمه مبكراً، ولا تُقطف ثماراً سريعاً، لكنه يعتمد على قراراتك الصغيرة.. وخياراتك اليومية.. فلا أحد يستيقظ بين عشية وضحاها ناجح.. ولا أحد ينام ليلاً وقد حكم عليه الفشل إلى الأبد.. بل هي رحلة كن فيها القائد المتفائل والبطل الذي انتصر رغم التحديات.