د. خيرية السقاف
يوم أمس أعلنت وزارة الداخلية إيقاف المطالبة ببقية قائمة إرهابي الوطن الثلاثة وعشرين
بتسليم آخر ثلاثة منهم أنفسهم قبل أيام..
هذا يعني أن لا مجال كان أمامهم للفرار من ملاحقة أجهزة الأمن, أو يقظة ضمائرهم المفاجئة, أو لعله أُسقِط في أيديهم, فأرادوا الإفادة من عفوٍ بعد اعتراف..
أو لعلهم صدقوا في معرفة جُرمِهم في حق أنفسهم, والناس, والوطن..
وكل هذه الحقوق لا تنفصل عن حق الله تعالى الأول فيما فعلوا, حيث خلق الإنسان فردًا, وجعله ربُّه موكلًا بعمار الكون لا بتدميره, وبسلام التعايش لا لإرهابه, وللعمل الصالح لا للفاسد منه..
وفي قفل آخر رقم في هذه القائمة بهم ما لا يعني أن جميع المفسدين مُرهبي ذويهم, وجيرانهم, وأهل أحيائهم, وأعضاء جسد وطنهم قد خلصت منهم الأوكار, والمخابئ, وظلمة الخوف..
لكن, لعلهم يكونون عبرة لمن سواهم..
فكما يعلم الجميع بأنه خلال السنوات الخمس عشرة التي مضت قد دُمر الكثير من عمار الوطن, وأزهقت عشرات الأرواح من أبنائه, وفسدت على الكل الراحة, ومُزِّق في المجتمع النسيج, وتصامت الفئات, وعلى صوت نشاز بين الأطياف ما كان له وجود أو أثر, قبل عبث هؤلاء..
ولكن..
تعبت أجهزت الأمن وقد بذلت, وضحت, وسهرت وإن نامت العيون وأغفت, ورصدت وإن غفلت العامة وأمِنت..
في الوقت ذاته علا شأن المكافحة, والترصد, والوصول للأوكار, وكشف الحقائق في شفافية جعلت من أجهزة الأمن الوطني نموذجا, ومدرسة لنظائرها في العالم..
وزيد في التمكين الأمني بعد موجة الفضائيات, ومدارات التواصل الرقمي, فأنشئ "مركز الحرب الفكرية" يكافح جرائم الخفاء والظاهر من الفكر والتوجهات وتبني المعتقدات, والعزف على أوتار القناعات المستهدَفة..
بلا ريب, فإن أجهزة الأمن بكل رجالها, وعتادها, ومقدَّراتها, وتوجُّهاتها, وأدوارها تفعل المتميز, والدقيق, والمنظَّم, بقدرات فائقة, ومنهجيات عالية النظم, ومؤهلة الخبرات للقضاء على هذه الغمامة التي بدأت مسارها في أجواء الوطن, امتدادًا من خارج الوطن ليكون مآلها الفناء, والتبدد, ولسوف تنقشع بمشيئة الله, ثم تضافر الجميع مع هذه الأجهزة التي تسهر وتبذل ولها العضد والدعاء.