د. محمد عبدالله الخازم
استثمرت وزارة الداخلية في الجانب التقني بشكل كبير، جعلها في مقدمة الجهات المميزة في هذا الشأن، لكن يبدو أن بعض قطاعاتها وتحديداً الأحوال المدنية ينطبق عليهم المثل «الطبع غلاب» فهم لا يثقون في تقنية وزارتهم وربما لم يستوعبوا ما تقدمه لهم التقنية أو هم غير قادرين على التخلي عن طبائعهم البيروقراطية العتيقة.
هذا الحكم القاسي يأتي من خلال تجربة بسيطة كنت أتوقع أن أنهيها خلال ربع أو نصف ساعة عطفاً على ما نسمعه وعلى موعد حجزته قبل شهر من الزمان، وانتهى بي المطاف لقضاء حوالي 7 ساعات موزعة على ثلاثة أيام!
وكانت فرصة لتسجيل مشاهدات ليست بالضرورة تنطبق علي وإنما لاحظتها. البطل أو الشخصية المهمة إن لم تكن الأهم التي تبدأ معها الرحلة هو (السيكورتي) حارس الأمن، فمراجع يترجاه لأنه لم يحضر ورقة الموعد وآخر يترجاه لأنه لم يكن لابساً غترة رغم أنه أتى لمجرد استلام البطاقة أو مرافقة ابنه وثالث يترجاه ليسمح له بالاصطفاف في الطابور ورابع يسأله أين يجد النماذج.. إلخ.
وبعد أن تدخل ترى العجب قاعة فيها 200-300 مراجع؛ طابور على كاونتر التسجيل وطابور بانتظار المدير وطابور بانتظار التصوير.. إلخ. لا تعلم؛ ما قيمة المواعيد الإلكترونية أم أنهم يمنحون مائة شخص نفس الموعد في نفس الساعة؟!
بعد الطابور الأول تفرح أن وصلت للموظف المعني فيعيدك لنقطة الصفر لأنك لم تقم بتعبئة النموذج باللون الأزرق، مثلا، أو أي سبب آخر بسيط. الموظف مهمته البحث في النواقص وفق مفهومه؛ شهادة الميلاد، سجل الأسرة، بطاقة الأب، مشهد المدرسة، صور شخصية، النموذج رقم، وحين يكتشف غياب أحدها أو عدم توفر صورة وأصل، يعيدك لنقطة الصفر. اذهب صور هذه الورقة أو احضر هذا المستند وهكذا في كل مرة تعود للطابور تترجى البطل حارس الأمن، وتخشى من طلب جديد لم يذكر في المرة الأولى...
تقوم بتعبئة النموذج بمعلومات ليست دقيقة ولا تدرك أهميتها. مثال طول الشخص وكأنه طول ابن الخامسة عشرة سيبقى ثابتاً أو لون العينين أو تلفون العمل وابنك لا يعمل.. وغير ذلك على نماذج مصورة بطريقة بدائية. بالإمكان دمجها في نموذج واحد أو نماذج أقل. بل يفترض طبعها عن طريق النظام، طالما هي متوفرة في قاعدة البيانات ليقوم المواطن بالتوقيع على صحتها، فقط. طبعاً يجب أن تحذر فلا تختار النموذج الخطأ!
التقنية ليست مجرد جهاز إدخال المعلومات، وقيمتها منقوصة إذا كنا ما زلنا نتعامل بفكر يحكمه النظام الورقي القديم. ثقتهم في أنظمة وزارتهم منقوصة طالما يطلبون أرتالاً من الأوراق لإثبات أمور موجودة في النظام. من يقنعنا بالتطور وفكر شيخ الصالة الواقف يوجه هنا وهناك ما زال سائداً، للأمانة؛ أشفقت على مشرف الصالة وحراس الأمن لمواجهتهم للجمهور ومعاناتهم من ازدحام المراجعين عليهم وما يسببه ذلك لهم من توتر ونرفزة..
أنصح المسؤول بزيارة تنكرية لأحوال الوشم كمراجع، في أوقات مختلفة قرب الصلاة ونهاية الدوام مثلاً، مع التذكير أني أكتب مشاهدات وليس معاملة شخصية..