مها محمد الشريف
لم يكن غريباً أن تتحول مخططات قطر إلى شكاوى لكي تكون مادة للجدل، ولما رُفضت معظم الشكاوى التي قدمتها، أصبحت تحرض على خطاب الكراهية وتجنيد المتعاطفين مع تنظيم الإخوان عبر مركز إسلامي أقامته السفارة القطرية في منطقة «مايفير»، ولا زالت تجسِّد أهمية هذه النشاطات المشبوهة من خلال سفاراتها وتشتري ذمم عدد غير منته من الإعلاميين والأكاديميين، وتسرف بالإنفاق عليهم وتكليفهم بتغيير الحقائق.
قوبل هذا اللعب والعبث بالتشكيك للوهلة الأولى. فضلاً عما تقدم، عن ذلك من شكاوى حيث أعلنت منظمة التجارة العالمية، تسلمها شكاوى قطر ضد المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، والتي قالت فيها المنظمة إنها تتمحور حول إجراءات الدول الثلاث التي تعتبر قطر أنها «تقييد تجارة السلع والخدمات من قطر» وتبعتها شكوى لـ «إيكاو» التي ترفض تسييس أزمة قطر مع الملاحة الجوية، وثمنت كلٌ من الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية والإمارات ووزارة المواصلات في البحرين امتناع المنظمة ومجلسها الموقر عن الخوض في الأمور السياسية؛ حيث أكد الأعضاء أن مناقشتها تكون في المحافل المتخصصة.
بهذا المخطط نستطيع إثبات أن الأمور تزداد سوءاً عندما نثبت وجود شركاء للدوحة يملكون فائضاً من الأخطاء لعقود متتالية، إذا ما تم إيقافهم ومحاسبتهم. تتعاظم المحاولات بسرعة وتظل أكثر تعقيداً إذا لم تقف عند حد معين. يزدري الفرد جميع التقاليد وينتهك خصوصية الغير وتنكسر أفكاره ويصعب تجديده وإعادة تأهيله. غدت هذه العلاقة سائدة بين الشعوب من جراء منهج قطر السياسي الذي يخترق السلام والتعايش بين الشعوب ويتعارض في مناح عديدة، ويسلب المواطن القطري حقه في خصوصية بلاده، وخاصة بعد انحدار القرار وإعلان الدوحة إعفاء 80 دولة من تأشيرة الدخول بأثر فوري، ولم يعر المسؤولون أبعاد التفاعلات لهذه الخطوة غير المناسبة حيال هذا الأمر المنطوي تحت لواء سياسية متهورة.
فمن المدهش حقاً أن تكون هذه القرارات فاقدة للجاذبية والضوء تسبح في فضاء فسيح، كشفت للعالم أن الفكرة قاصرة لا تضيف للدولة أو الشعب إلا مزيداً من التخبط. هو في الحقيقة قرار ينطوي على شيء من الجنون وله أبعاد سيئة جداً على شعب قطر والمنطقة، إذ بها تبعث نموذجاً مقلقاً تتنامى الفوضى في أعماقه حتى تفقد نهاياتها.
ورغم ذلك التنقل في الجوانب السياسية عزوف لأكثر من نصف المستثمرين التقليديين. حيث نقلت «بلومبرغ» الاقتصادية عن مصادر مطلعة، أن بنك قطر الوطني والبنك التجاري يدرسان خيارات تمويل مختلفة، تشمل أخذ قروض أو إصدار سندات مقومة بعملة الدولار، لكن المستثمرين والمحللين يقولون إنه سيتعين على المقترضين دفع المزيد لتغطية المخاطر السياسية في المنطقة. فمهما كان المعروض يفسر الواقع عن كم هائل من الخسائر.