جاسر عبدالعزيز الجاسر
تختار الدول أفضل رجالها لتشكيل وزاراتها، فالوزراء المختارون عادة يكونون أفضل المختصين في تخصصاتهم المهنية إن كانت الحكومة تعتمد على الوزراء التكنوقراط، أو الحكومات التي تشكلها الأحزاب فإنها تعتمد على السياسيين الذين أعدوا في مؤسسات الأحزاب وتدرجوا في التكوين السياسي والمهني الذي يضع في أول اهتماماته السلوك الأخلاقي والسعي لخدمة المواطنين بدءًا من المجالس المحلية والبلدية. ولهذا فإن الوزير في الحكومات التي تشكلها الأحزاب الفائزة في الانتخابات يكون قد «صنع» في «ماكينات» الأحزاب وهي كما في بريطانيا المجالس المحلية والبلدية، ودول أخرى تتكفل النقابات المهنية بإعداد الوزراء.
كل هذا معروف وشبه متفق عليه في الدول المتحضرة التي تنتهج الديموقراطية والعدالة الاجتماعية في سلوكها السياسي وتؤكده عند تشكيل الحكومات، إلا أن الأمر يختلف تمامًا لدى الأنظمة الاستبدادية التي تفرض قيمها وسلوكها الذي يعتمد على الاستبداد والجور الأخلاقي كما هو واضح في سلوك ونهج نظام ملالي إيران الذين لهم أسلوب واحد لا يتغير في تشكيل الحكومات التي من شروطها أن يكون الوزير شديد الولاء لولي الفقيه وأن يكون مستعدًا لتنفيذ ما يطلب منه حتى وإن أدى ذلك إلى إزهاق أرواح المواطنين فضلاً عن التضييق عليهم في عيشهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم.
حسن روحاني الرئيس الإيراني الذي يوصف في الإعلام الغربي بالرئيس الإصلاحي والمعتدل لم يخرج عن أسلوب الملالي في تشكيل الحكومات إِذ كشفت حكومته الجديدة التي قدمها إلى البرلمان وتضم خليطًا من الحرس ومختطفي الرهائن، ومحترفي التعذيب والجلادين ممن لعبوا أكبر الأدوار في الحرب وأعمال القمع والمجازر وتصدير الإرهاب والتطرف وقتل شعوب المنطقة.
ولا يمكن التوقع من روحاني أكثر من ذلك، حيث إنه كان خلال 38 عامًا الماضية بين المسؤولين الأمنيين والعسكريين الأوائل في تطبيق القمع وتأجيج الحروب في هذا النظام وكما استذكر منافسوه كان منذ البدايات يطالب بشنق المتآمرين في صلوات الجمعة».
أحد الأعضاء الجدد في تشكيلة روحاني الجديدة هو «محمد جواد آذري جهرمي» وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، إنه جلاد عمل منذ أن كان عمره 21 عامًا بوزارة المخابرات في عملية الاستجواب والتحقيق والتعذيب والرقابة وتم تعيينه في الانتفاضة للعام 2009 ليعمل مساعدًا لوزير المخابرات في الشؤون التقنية والمدير العام للتنصت في الوزارة لغرض السيطرة وقطع الاتصالات للمنتفضين. كما لعب دورًا خاصًا في توسيع قسم التنصت في اعتقال المتظاهرين وقمع الانتفاضة.
ويحاول روحاني عبثًا بتعيينه «آذري جهرمي» للحؤول دون توسع نفوذ المقاومة الإيرانية داخل المجتمع. وفي يوم 17 يوليو من هذا العام قال «جهرمي» في منصب مساعد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات: «نحن نعلن أسبوعيًا 3300 قناة مغلقة وشهريًا نغلق أكثر من 13 ألف قناة. نحن نرصد هذه القنوات منذ عامين وهي تشمل مواد أخلاقية ودينية واعتقادية وحتى سياسية.. أن يقال: إن قناة مجاهدي خلق وغيرها مفتوحة فهذا صحيح وبتعبير القيادة هذه القنوات هي مقتل لشباب بلدنا، مجاهدو خلق وعبر تلغرام ومواقع التواصل الاجتماعي يروجون بسرعة ما ينشدونه» (موقع نادي المراسلين الشباب التابع لقوات الحرس).
وزير الدفاع الجديد في تشكيلة روحاني الجديدة هو بسيجي مجرم باسم «أمير حاتمي» الذي عمل في البسيج نشطًا منذ بداية حكم الملالي وكان عمره 12 - 13 عامًا في أعمال القمع والقتل حسب ما كتبته وسائل الإعلام الحكومية وهو من ميليشيات البسيج والحرس الذين أدخلهم النظام في الجيش لكي يستطيع فرض السيطرة الكاملة عليه ولهذا السبب حصل بسرعة على درجات الرقي في الجيش. إنه لعب دورًا نشطًا في أعمال القمع واعتقال وإعداد منتسبي الجيش الثوريين الوطنيين.
كما لعب «حاتمي» دورًا نشطًا في مواجهة مجاهدي خلق في عملية الضياء الخالد وكان له «حضور نشط وفاعل في محاربة المجموعات المعادية للثورة ومجاهدي خلق والفرق المتسللة في المناطق العملياتية شمال غرب وغرب البلاد» حسب وسائل الإعلام الحكومية. ولهذا السبب قدم خامنئي له شهادة تقدير. وفي عام 1998 وبينما كان عمره 32 عامًا ارتقى درجتين بأمر من خامنئي لينال رتبة العميد وتم تعيينه مساعدًا في شؤون الاستخبارات في القيادة العامة لجيش النظام.
«حبيب الله بيطرف» وزير الطاقة الجديد في تشكيلة روحاني كان عضوًا في اللجنة المركزية السداسية لطلاب سالكي نهج الإمام ومن مسؤولي احتلال السفارة الأمريكية في العام 1979 واحتجاز دبلوماسييها. إنه كان من المنظمين الأوائل لجهاد البناء وعضو قوات الحرس الذي لعب دورًا فعالاً في الحرب الخيانية وقتل الشباب والأطفال الإيرانيين.
«محمد شريعة مداري» وزير الصناعة والمعادن والتجارة عمل منذ بداية حكم الاستبداد الديني في أعلى مستويات المسؤولية في ممارسة القمع والنهب. إنه لعب دورًا نشطًا في تشكيل وتنظيم مؤسسة ما يسمى بـ»لجان الثورة» وهو كان من مؤسسي وزارة المخابرات وتم تعيينه مساعدًا لهذه الوزارة في عام 1984م. كما يحمل في سجله العمل في قسم الإشراف والمحاسبة في مكتب خامنئي والعضوية في مجلس أمناء الأموال لدى الولي الفقيه، ومسؤول في «اللجنة التنفيذية لأمر خميني» هي مؤسسة اقتصادية عملاقة في حوزة شخص خامنئي يبلغ رأسمالها 95 مليار دولار وهي في الأساس أموال تم مصادرتها من معارضي النظام.
هناك وزير جديد آخر في تشكيلة روحاني وهو كبير الجلادين «علي رضا آوايي» وزير العدل وهو من مسؤولي مجزرة عام 1988 في محافظة خوزستان الذي حل محل كبير الجلادين مصطفى بور محمدي.