إبراهيم السماعيل
هل يكفي وجود العلم والحدود والسيادة والمال الوفير وجنون العظمة والكثير من الكيد والحقد على الأشقاء.. أقول هل تكفي كلها لتجعل من قطر دولة عظمى تدس أنفها ومالها في كل مكان في الوطن العربي وتمعن فيه تآمراً وتخريباً، ولمصلحة من كل هذا؟ الأكيد أنه ليس لمصلحة الشعب القطري الشقيق، وأنه بكل تأكيد إساءة استخدام لكل معاني ومقومات الدولة المستقلة، خصوصاً عندما تكون هذه الدولة صغيرة جداً وعلى رأس أهدافها المفترضة أن تعيش بسلام وتجانس واحترام متبادل مع جيرانها، فكيف إذا علمنا أن هؤلاء الجيران هم إخوة وأبناء عمومة؟!
قطر هي أصغر (دولة) في الإقليم الخليجي من ناحية السكان وأحدث (دولة) أيضاً، حيث إن المشيخة تأسست على الأقل بعد قرن من أحدث مشيخة في الخليج العربي، لكن الملفت والمثير أن هذه الدولة الصغيرة تعاند كل القوانين والسنن الكونية التي تخضع لها جميع الدول التي في حجمها على الكرة الأرضية.
فهل يكفي أن تتوافر شروط الدولة الشكلية لكي تمارس قطر كل هذا التهور والجنون والتخريب في الوطن العربي، هذا التهور وجنون العظمة الذي لم يمارس مثله عبدالناصر في أوج تألقه السياسي وهو رئيس أكبر دولة عربية، ولو كانت شروط العلم والحدود والسيادة تكفي لممارسة هذا التهور والجنون فلماذا لم تقم به دول صغيرة وغنية في العالم وربما كانت أكثر سكاناً من قطر مثل بروناي أو بعض الممالك الصغيرة في أوروبا وبعض الجمهوريات الصغيرة في الكاريبي؟ وللقيام بمثل هذا الجنون لا بد من توافر شرطين أساسيين:
الأول: أن يكون على رأس السلطة في هذه الدول الصغيرة زعيمٌ حاقد ومتهور ومسكون بجنون العظمة وجاهل وبحكم التاريخ والجغرافيا.
الثاني: أن يكون هناك تغطية وموافقة ضمنية من دول كبرى لهذا الجنون والدور التخريبي الخسيس.
وهاذان الشرطان لم يتوافرا بكل أسف إلا لقطر في ظل نظرية الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد التي لعبت فيها قطر بغباء دوراً أساسياً وتكاملياً مع الدور الفارسي ودور الأقليات الطائفية والإرهاب الإسلامي بكل أطيافه، وعليه فقد أمنت هذه الدولة الصغيرة العقوبة وبالتالي أساء الحمدان ولا أقول الشعب القطري الأدب وأساءت الدولة القطرية بتهور استخدام السيادة والمال فيما ينفع هذه الدولة الصغيرة وشعبها، فلقد اختطف الحمدان هذه الدولة الصغيرة والغنية منذ عشرين عاماً وسخرا كل إمكاناتها المالية (التي لا تملك غيرها) تحت ذريعة السيادة واستقلال القرار لخدمة جنون العظمة وحب الانتقام لديهما ومارسا دورا هداما أدى إلى الكثير من المؤامرات والكوارث على امتداد الوطن العربي كله.
ختاماً، فإن الدول وخصوصاً الصغيرة منها ليست حدودا وسيادة ومالا فقط بل قبل كل هذا هي سياسة حكمة وتعقل وتبصُّر تخلت عنها كلها قطر منذ عشرين عاماً ولن ينفع قطر مستقبلاً عندما تتبدل المعادلات (وهي لا محالة فاعلة) لا إيران ومشروعها الفارسي ولا تركيا العثمانية ولا حتى الولايات المتحدة الأمريكية، فقدرها ومصيرها مرتبط بمحيطها العربي الخليجي رغماً عن جنون العظمة وحقد وتهور الحمدين.