حمّاد السالمي
- وصلت مؤخرًا إلى قناعة تامة مفادها: أن (دولة الحمدين في قطر)؛ حققت في أقل من اثنتين وعشرين سنة؛ منجزات كبيرة لم تصل إليها أي دولة في العالم في هذه المدة، وكانت منجزاتها تلك؛ تتحقق وتنجز خارج الجغرافية القطرية في أرض الله الواسعة، خاصة تلك التي يقطنها عرب ومسلمون، ما يثبت أن الثروة المالية القطرية الهائلة طيلة هذه السنين العشرين ونيف، كانت كبيرة على دولة مساحتها لا تتجاوز (11.437كم2)، وعدد سكان من القطريين في حدود (300 ألف نسمة)، فما كان من حمد وحمد الحاكمين بأمرهما في هذه البقعة الصغيرة من هذا العالم على طرف الخليج العربي؛ إلا الاستثمار في خارج قطر.. استثمار مختلف طبعًا. في التخريب بشكل عام. في حياة الناس، وفي دمائهم وأفكارهم ومصائرهم، وليس ما يخطر على البال مما نعرفه من استثمار في التعليم والصحة وتنمية ثروة الشعب القطري.
- أمر مدهش حقيقة.. كلما وقفت على حقيقة جديدة من حقائق التخريب القطري الذي نال القريب والبعيد من قطر، وضعت يدي على رأسي خشية أن يطير..! يا إلهي.. كل هذا الكم الكبير من الحقد والشر يأتي من إمارة صغيرة كل ما تملكه من مقومات هو النفط وعائدات النفط..؟ ليس لها تاريخ يُذكر، ولا مكانة سياسية أو أهمية استراتيجية أو أسبقية في الحضارة البشرية. الدافع لهذا التعاظم والاستقواء هو المال السائب، ثم قاعدة العديد، وقناة الجزيرة. وما أدراك ما قاعدة العديد. نعم.. حال قطر حال الضعيف في ذاته المستقوي بغيره، وهذا ما أفصح عنه أمير قطر الشيخ تميم في تصريحاته التي قصمت ظهر البعير قبل شهرين ونصف؛ عندما أشار إلى قاعدة العديد الأميركية، وأنه لولاها لما كانت ولا بقيت قطر..! هكذا إذن. عندما استحضرت قطر القاعدة الأميركية، واشترت وجودها على أرضها؛ شعرت أنها ولاية أميركية، ودفعها هذا الشعور المتعاظم مع مرور الوقت، إلى توهم العظمة والغلبة. وأنها تستطيع -ربما- التمدد والتوسع لتصبح قطر العظمى على حساب جوارها العربي، وعلى حساب شعوب عربية وإسلامية في آسيا وأفريقيا..!
- إن هذا الكم الكبير من الأحقاد والضغائن؛ الذي برز من خلال مئات وآلاف الأعمال القطرية الإرهابية المشينة ضد المملكة العربية السعودية خاصة؛ وضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية؛ يكشف عن أطماع ونوايا بعيدة المدى، ويشي بشعور استعلائي ضغين، تسببت فيه الثروة النفطية الهائلة، وفجرته القاعدة الأميركية في قطر، ونفخت فيه الجزيرة الفضائية. فقاعدة العديد؛ أعطت الزعامة القطرية أضعاف حجمها، وألبستها ثوب القوة المفرطة، وأصابتها بمرض الوهم الذي جعلها تتصرف وكأنها أميركا الثانية، وعينها على قطر العظمى، التي تمتد من الخليج الثائر، إلى المحيط الهادئ، وهذا ما رأيناه في تبنيها لفكر وزعامات الإخوان المجرمين، الذين راحوا ينطلقون من الدوحة، وبثروة القطريين، لتخريب الأمن، وإسقاط الدولة العربية القطرية في مصر وليبيا وتونس وسورية والعراق واليمن، ودعم (إخوانجية المملكة واليمن والبحرين والإمارات والأردن وفلسطين وغيرها)، وتسهيل تحركاتهم، وتشجيع منابرهم الإعلامية في لندن وباريس وواشنطن، وعبر وسائط (السوشيال ميديا)، وانطلاقًا من سلطة الثروة النفطية، وسلطة العديد العسكرية، وسلطة الجزيرة الإعلامية؛ احتوت الدوحة المنظمات الإرهابية كافة، ابتداءً من القاعدة والنصرة، وصولاً إلى داعش، وما سوف يستجد من حواضن إرهابية بعد هلاك (دولة الخرافة الإسلامية) في العراق والشام.
- يا إلهي.. أإلى هذا الحد من الشر والعدوان على الأهل والجيران قبل غيرهم؛ تصل الأمور بإمارة صغيرة لا تبلغ مساحتها مساحة حي كبير أو حيين في مدينة سعودية..؟! كان هذا قول قائد في جيش قطر قبل أكثر من أربعة عقود -لم أعد أذكر اسمه- وكان يملك قصرًا ومزرعة بحي شهار بالطائف قبالة مستشفى الصحة النفسية من شرقيه. كان يجلس قبالة البستان في ظل القصر كل عصر، وكنت أرتاد مجلسه، ويحدثني عن قطر قبل أن أراها فيما بعد ويقول: قطر يا ابني حي الشهداء أكبر منها. وكان هناك شخصية قطرية بارزة في الطائف هو الشيخ (عبدالله بن إبراهيم الأنصاري) رحمه الله، صاحب التقويم القطري الشهير. كان من متديري الحوية بالطائف، وله قصر فيها، وهو عالم وأديب، وكان صديقًا لنا نحن المتأدبين، نلتقي في أمسيات أدبية، وكان يحدثنا عن بلده بكل شفافية، حتى ظننت أن ليس في قطر من مدن سوى عاصمتها الدوحة.
- مشكلة قطر الكبرى الدائمة؛ هي الشعور بالنقص الذي لازم قادتها مع قدوم حمد بن خليفة للحكم، حتى وصل به وبإدارته إلى حالة مرضية لا يشفيه منها سوى الانتقام، والفرجة على التفتيت والتفكيك، لكي تتحول الدول من حول قطر؛ إلى دويلات وإمارات بحجم قطر أو تحت إدارتها.
- كنت وما زلت على يقين؛ بأن السلوك القطري المعوج كان مكشوفًا ومعروفًا عند كل القادة الخليجيين والعرب منذ يوم انقلاب حمد على أبيه وتسلم الحكم، ولكن حكمتهم طالت، حتى ظن الضعيف أنه قوي، وظن الصغير أنه أكبر من الكل. كان العرب يقولون: (إذا كان عدوك نملة فلا تنم له)، وقطر قبل العديد؛ كانت نملة فتنمرت، وأرضة صغيرة أريشت ثم طارت، وفأرة سعت في هدم الصف الخليجي كما فعل فأر سد مأرب في زمن مملكة سبأ. ما أشبه قطر اليوم بذلك الجدي الصغير الذي صعد إلى مرتفع، فمر به ذئب، فراح من فرط حمقه يشتم الذئب بكل وقاحة. فقال له الذئب: لم تشتمني أنت؛ إنما شتمني المكان الذي أنت فيه..!
- الموقف السياسي الشجاع؛ الذي اتخذته الدول العربية الأربع: (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)؛ كشف الأقنعة كلها، واتضحت صورة الأخ العدو، الذي ظل وما زال يطعن في الظهر. هذه الحالة صورها شاعرنا القديم عنترة بن شداد في قوله:
إِذَا كَشَفَ الزَّمَانُ لَكَ القِنَاعَا
وَمَدَّ إِلَيْكَ صَرْفُ الدَّهْرِ بَاعَا
فَلاَ تَخْشَى المَنِيَّـةَ وَالتَقِيْهَا
وَدَافِعْ مَا اسْتَطَعْتَ لَهَا دِفَاعَا