د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
السعودية تسابق الزمن وتحاول توظيف العولمة لصالحها ولم تعد ترغب في أن تظل أسيرة مداخيل النفط سواء كانت مرتفعة أو منخفضة، فهي اتخذت قرارها في الاندماج في الاقتصاد العالمي واستثمار كافة مقوماتها التي بنتها في الفترة الماضية وتمتلكها كثروة حقيقية.
إعلان رؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020 هو بحاجة إلى خطوات عملية لتحقيق الرؤية والتحول، لذلك أتت خطوة الإعلان عن مشروع إنشاء أرامكو مدينة الطاقة الصناعية في المنطقة الشرقية من السعودية في 15-7-2017 وهو يهدف لتوطين الصناعات المساندة لقطاع الطاقة المتعلقة بالتنقيب وإنتاج النفط وتكريره والبتروكيماويات والطاقة الكهربائية التقليدية وإنتاج ومعالجة المياه.
تتولى شركة أرامكو تأسيس شركة تتولى تطوير البنية التحتية لمدينة الطاقة الصناعية وإدارة أصولها الثابتة وقيامها بتأسيس شركة تتولى تشغيل تلك الشركة على أن تضاهي تلك المدينة أفضل المراكز الصناعية في العالم.
الهدف من إنشاء تلك المدينة توطين منشآت صناعية وخدمية جديدة تساعد على الابتكار والتطوير وفقاً للمنافسة العالمية من أجل أن تصبح المدينة مشروعاً ارتكازياً وعلامة فارقة في جهود توطين الصناعات والخدمات المرتبطة بالطاقة حتى تشكل بيئة متكاملة لاستقطاب استثمار الشركات العالمية وهي المسؤولة عن إنشاء وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال التي تعاني من التطور في المملكة رغم تقديم المملكة محفزات ولكن بسبب غياب البيئة المحفزة التي تشجعهم على الريادة غيبت تطور وإنشاء تلك الشركات لكن بإنشاء هذه المدينة تكون قد أوجدت بيئة جاهزة تشجعهم على الانخراط في التنمية خصوصاً وأنها مشروعات تنموية منافسة قابلة للنمو والاستدامة.
لهذا المشروع عدد من الأهداف الإستراتيجية التنافسية التي تهتم بزيادة ودعم أمن إمدادات الطاقة خصوصاً في ظل توسع سكاني وتنموي قادم في السعودية، إلى جانب اهتمام المدينة بخفض تكاليف المنتجات والخدمات التشغيلية لخفض تكاليف الإنتاج الذي ينعكس على تكاليف المنتج النهائي الذي يساهم في خفض النفقات على المواطن ويصب في زيادة الرفاهية.
ستكون مساحة مدينة الطاقة نحو 50 كيلومتراً مربعاً تتكامل مع المدينة الصناعية الثالثة في الدمام التي هي الأخرى مساحتها نحو 48 كيلومتراً مربعاً فضلاً عن قربها من مصادر توليد الطاقة والمياه والخدمات اللوجستية من طرق خصوصاً وأنها تتجه نحو بناء ميناء جاف متكامل.
هذا المشروع يدعو إلى تشجيع الشركاء عبر سلسلة التوريد في المملكة والعالم والاستفادة من العمالة المدربة محلياً خصوصاً وأن لدى أرامكو مبادرة اكتفاء يمكن تنفيذها عبر هذه المدينة لتطوير قطاع وطني للصناعات والخدمات المرتبطة بالطاقة يستحوذ على 70 في المائة من الطلب المحلي وأن تكون لديه قدرة على تصدير 30 في المائة من منتجاته بحلول عام 2021.
لذلك تهدف رؤية المملكة 2030 بيع 5 في المائة من أسهم أرامكو التي تهدف في المقام الأول إلى دعم مثل تلك المشروعات لتعزيز القيمة المضافة من جانب ومن جانب آخر توطين الصناعات والابتكارات، ومن جانب ثالث توطين اليد العاملة السعودية المدربة لخلق كفاءات تكون الممول للنمو الاقتصادي في المملكة، وهو يثبت لمنتقدي بيع 5 في المائة من أرامكو من أن الدولة تستثمرها في تنويع مصادر الدخل كرافد لدخل الدولة هذا من جانب والجانب الأهم تطوير قدرات القطاع الخاص حتى يتصدر قيادة دفة التنمية في المملكة إلى جانب الدولة حتى تتفرغ لإدارة شئونها.
تعول الدولة على القطاع الخاص للمساهمة في ابتكار حلول جديدة حول إنتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها والتركيز على نتائج استخدام التطبيقات الذكية، ورفع نسب مساهمة التقنيات والمصانع المبتكرة في الناتج المحلي الإجمالي، وتبحث عن مزيد من الحلول الذكية لتنويع مصادر المياه والطاقة، وهي تبحث كذلك عن تقليص التكلفة في قطاع المياه حيث لا تتجاوز الفواتير حتى الآن 30 في المائة من القيمة الفعلية، وتركز الدولة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لرسم خطة مستقبلية تتماشى مع توجهات الرؤية.
يعيش قطاع الطاقة في مرحلة انتقالية بالتوازي مع عصر الثورة الصناعية، لم يعد العمل خياراً بل إن النجاح هو أمر حاسم بسبب أن الحاجة ماسة إلى حلول جديدة لاستكمال وإدارة مصادر الطاقة في المستقبل بعدما أصبح مصدر الطاقة المتجددة هي جزء لا يتجزأ من مزيج الطاقة في المستقبل لأن المملكة تسعى إلى مستقبل مستدام للطاقة بجانب رفع كفاءة استخدام الطاقة وإدارة الموارد.
طرح شركة أرامكو للخصخصة الجزئية وكذلك أدنوك الإماراتية والشركة العمانية يعد تحركاً ذكياً من كبار المنتجين لمواجهة التحديات التي تواجه سوق النفط في المرحلة الراهنة ومنها ضعف الاستثمارات، والتخصيص يعني دخول مستثمرين جدد للاستثمار المشترك سيؤدي إلى سياسات استثمارية أكثر كفاءة وانفتاحاً، وتكون أكثر قدرة على تطوير مشروعات البنية التحتية للطاقة وزيادة وتنوع مشروعات المصب.. حيث إن سوق الطاقة في العالم يشهد مرحلة تحول واسعة وتغييرات جذرية ومتلاحقة سواء في موارد الطاقة أو تكنولوجيا الإنتاج أو برامج الكفاءة، حيث إن عصر الطاقة الجديد يحتاج إلى إستراتيجيات أكثر إبداعاً ونماذج أعمال أكثر مرونة لتحقيق النمو المستهدف، والتغلب على عقبات السوق، ومنها تقلبات الأسعار وضغوط العوامل الجيوسياسية، وتباطؤ النمو، وغيرها من العوامل وثيقة الصلة بقطاع الطاقة.