الصادر بطبعته الثامنة والثلاثين عام 1435هـ, عن (دار الأدب العربي للنشر والتوزيع)لمؤلفه: سلطان موسى الموسى.
يقع هذا الكتاب الموجود بين أيدينا الآن في 223 صفحة من القطع العادي. وقد قام مؤلفه بتقسيم مادته إلى أحد عشر فصلاً, كلها تتناول التفكر في الخلق والكون والوجود, وتدبر معاني القرآن الكريم, وبعض الأحاديث النبوية الصحيحة, ومقارنة الأديان, وذلك من منظور ديني اسلامي.
وقد اعتمد المؤلف في أسلوبه لعرض مادة هذا الكتاب وفي آرائه على الاستناد إلى ما ورد في الآيات القرآنية من وجود الله - تعالى - وأنه - جلَّ وعلا - هو الخالق وحده , لا إله إلا هو, الواحد الأحد , الفرد الصمد, لا شريك له!!
كما تطرق في مواضع كثيرة من الكتاب الى بعض آراء الملحدين, وأصحاب الفكر المادي, الذين لا يؤمنون - والعياذ بالله - بفكرة وجود اله, وغيرهم من أصحاب المذاهب الأخرى , المتحررة المقدسة للمادة والنفعية, وترى أن العقل المجرد والتجريب هو الوسيلة المثلى لمعرفة حقيقة الخلق والحياة والكون.
ومن أجل ذلك يستعرض المؤلف بعضاً من المواقف التي جمعته ببعض هؤلاء الملحدين, ومناقشته لهم حول وجود الخالق, والهدف من الخلق, ومقارعته لهم بالبراهين والحجج والشواهد التي تدل دلالة واضحة على وجود الله - تعالى- وعلى الحكمة من وراء الخلق.
وحول مثل هذه المواقف, يقول المؤلف نفسه في المقدمة:
(كنت في لندن عندما تعرضت للموقف الذي غيَّر حياتي بهذا الخصوص... تحديداً حين التقيت مصادفة برجل عربي, في حديقة « الهايد بارك» الشهيرة... سلم علي ورحب بي رغم صغر سني وقتها مقارنة به...... وأخبرني أنه يعيش في «لندن» وحين أخبرته أنني من «السعودية» رحب بي كثيراً..
كنت أقضي مع عائلتي إجازة «عيد الفطر» هناك.. فقرّرت أن أسأله وبحكم أننا خرجنا للتو من شهر رمضان عن كيفية معاناتهم مع الصيام في « أوربا» التي لا تغرب شمسها بسهولة ... ليفاجئني بإجابته حين قال: أنا لا أصوم يا ولدي ولا أصلي..
فلم أكتم تعجبي وسألته: لماذا؟ فقال لي: أنا ملحد ولا أؤمن بوجود خالق)..كانت هذه المرة الأولى التي أواجه فيها شخصاً ينكر وجود الله.. وكنت أتعجب كيف يصل إنسان إلى هذه المرحلة.. قد أتفهم وجود ديانات أخرى... ولكن الحاد..؟ ما الذي يدفع انسانا الى هذا الاعتقاد؟). انتهى كلامه. ويخلص المؤلف في نهاية حديثه ونتيجة لقائه مع ذلك الملحد ليقول: (كانت مثل الصفعة في وجهي... وسبحان الذي ربط على قلبي بأن جعلني أبحث وأحاول أن استكشف بنفسي الدين مرة أخرى, وأبحر في معانيه واعجازاته, فأي شخص كان من الممكن أن ينصاع لشبهات هذا الملحد ليكون إحدى ضحاياه. ومن هنا بدأت رحلتي صغيرا في عالم البحث والقراءة عن ظاهرة الالحاد وحقيقة الأديان). انتهى كلامه.
وفي خاتمة المقدمة ذاتها يذكر لنا المؤلف السبب الرئيسي لجمعه مادة كتابه وطباعته ونشره, فيقول:
(وها أنا اليوم وقد جلبت نتاج بحثي وقراءاتي في هذا الكتاب لأحاول أن أسد بها الثغرات التي يستغلها الملحدون, وأصحاب الديانات الأخرى للتمكن من الذين لا يملكون أبجديات الرد). انتهى كلامه.
ويأتي هذا الكتاب القيم - حسب الاحصائية التي ذكرها ناشره - كواحد من الكتب القلائل الأكثر مبيعا في أسواق الكتب في المنطقة العربية تحديدا.
بل إنه يتفوق أو يكاد يفوقها جميعا في عدد طبعاته التي بلغت حتى كتابة هذا التقرير الطبعة الثامنة والثلاثين, كما هو ظاهر على الغلاف الخارجي( الأول ) للكتاب.
وهذا العدد الكبير من الطبعات يندر أن يحققه كتاب كهذا الكتاب, وخلال مدة وجيزة جدا لا تتجاوز 12 أو 18 شهراً من صدور طبعته الأولى وتاريخ نشره وتوزيعه. كما أن من المثير للانتباه واللافت للنظر أن المؤلف شاب في مقتبل العمر ولا يزال في ريعان الشباب وفي منتصف العقد الثالث من عمره عندما قام بتأليف هذا الكتاب ونشره, وهذا مما يدل دلالة واضحة على نضجه العقلي والفكري المبكر وعلى سعة ثقافته وتحصيله العلمي والمعرفي رغم حداثة سنه.
- عرض وتحليل/ حمد حميد الرشيدي