الثقافية - محمد الرويلي:
أعتقد أن ما وُصف بأنه (مبادرة) من جامعة الجوف، وما تلاه من موافقة نائب الأمير على إقامة المنتدى، كان يجب أن تقوم به الجامعة أصلاً، بدون انتظار مناسبة ثقافية. بقدر ما تبدو فيه هذه المؤسسة الأكاديمية إيجابية في رد الفعل إلا أنه يتوجب عليها في الوقت نفسه أن تتحمل أسئلتنا عن مبررات غياب مثل هذه المبادرة في السنوات الماضية!!
وتفاديًا لما قد يفسَّر بوصفه استحواذًا من مؤسسة أكاديمية على دور كان يجب أن يتصدى له النادي الأدبي في الأساس، ثمة أسئلة أخرى، لا تني تطرح بصوت خافت: إن جامعة لا تزال ناشئة، وما زالت مخرجاتها بحاجة للاختبار، وما زال لديها فرصة لمواجهة التحديات والصعوبات من أجل مواكبة نظيراتها من جامعات المملكة.. ألا تتكلف عبء إقامة منتدى ثقافي، قد يتحول إلى منصة ذات بُعد أكاديمي محض، يسيطر عليه الأكاديميون دون سواهم؟
أقول هذا مستحضرًا معرض الكتاب الهزيل والفقير الذي أقامته الجامعة قبل بضعة أشهر. وهو بالتأكيد يعطي الزائر انطباعًا عن الفضاء الثقافي الذي تنحو إليه جامعة الجوف، وصورة ذهنية لا تليق بها.
وفوق ذلك أيضًا سوف تُقرأ هذه المبادرة باعتبارها محاولة لتأطير المنتدى، وإضفاء الطابع الرسمي عليه. وكان الأجدر بالنادي الأدبي أن يتبنى مثل هذا المنتدى (إذا كان هناك من لم يزل متفائلاً بنتائج طيبة من ورائه)، لكنني لا أعرف حتى هذه اللحظة سببًا لغياب النادي، ولا تفسيره إلا كونه تقاعسًا غير مستغرب منه منذ بضع سنوات، وهو كافٍ لإقدام أي مؤسسة بديلة على القيام بالوكالة لسد عجزه؛ لذا علينا بالرغم من كل شيء أن نقول للجامعة: «شكرًا» بصوت خافت.
وأخيرًا، لا بد من الإشارة إلى أنه يتعين على المؤسسات الثقافية أن تطرح مبادراتها، وأن تقدم منجزها ونتائج أعمالها دونما حاجة إلى توجيهات لن يستمر أثرها إلا كأثر جرعة منشطة، ثم (أقول ثم مرتين) يطويها النسيان.