قد أقع في فخ الفكرة اللافكرة وأنتمي إلى مناخاتها الطارئة كما لو أنني أولد منها وفيها حيث اللحظة تمثلني مؤخرا بما يكفي للاشتغال على حالة لا فكرية تبدو وليدة لحظتها ومبادرتها اللانهائية للانطلاق والتفرع والنمو في فراغ لا أصل له وبالرغم من ذلك فهو المعنى الذي سيبنى عليه المضمون المؤقت.
حينما تفيض الكتابة بغيظي أشعر أنه لا معنى للكتابة ولاغاية منها أو هدف، لأنها مع حالة تنفيسية من هذا النمط تصير قد أرهقت تعابيرها وقيمتها الفنية والتعبيرية بالدخول العميق في الخصوصية. ومع الخصوصية تتشابه المعطيات والمآلات كذلك دون جدوى.
إذن فما هو الحل الأفضل في محاولة اقتحام الكتابة دون إقحامها؟
ما السبيل الأفضل إلى كتابة تلد ذاتها بذاتها وليس تحت مؤثرات ذات مشاعر سلبية أو إيجابية بحتة؟
أريد أن أحرر الكتابة من ذاتيتي وأنطقها لكن عن لسان ذاتيتها المعلقة المتعلقة بها.
ومع تواجد وسائل التواصل الاجتماعي الحالية ازداد شعوري بأن الكتابة أضحت طريقة جماعية اجتماعية مألوفة في التواصل والتقارب والتعبير بين الناس بغض النظر عن جودة الأسلوب وفصاحة اللغة وعمق العبارة.
على العكس من تلك الحالة العامة فهناك من فطروا على الاعتقاد الجدي بأن الكتابة مصير حتمي بالنسبة إليهم.
الفقد الأكبر أن تشعر الكتابة بوحدتها بعد أن تكتمل فتجد من عبرت عنه وقطعت إليه شتى السبل وبذلت وقتها لحظةً لحظةً من أجله وعبرت عنه قد أهملها وهمشها ولم يبال بها لا لشيء إلا لمجرد أن الكتابة والكلمات أضحت سيرة من لا سيرة له وطريقة من لا طريقة له أي أنها احتلت مكان الشفوي والمسموع تقريبا لتكون أسيرة حقل الصورة ومقطع اليوتيوب والموسيقى وحسب ولم تعد مستقلة بذاتها وهويتها.
إنني وأنا أمارس قصصي اللحظوية مع الكتابة تجتمع فيّ كل الأمزجة والمذاقات المتنوعة بحيث يجد من يقرأ طعمه ونكهته أي ذاتيته في الكتابة.
- هدى الدغفق