الاستسهال وحده، ربما يكون السبب الرئيس في فشل قوائم ممن تسنموا إدارة العمل الثقافي المؤسسي، فمنه - أيضا – تتفرع أسباب تختلف من شخص إلى آخر، إلا أنها تظل متقبّلة الفشل بسهولة، وعدم الاكتراث به، إذ ما لجرح بميت إيلام، فالفاشلون في مضمار إدارة الثقافة يعيشون وسط بساتين شماعات يعلقون على فروعها إفلاسهم، شعارهم في ذلك : «ليس بالإمكان أكثر مما كان»، ليظل العمل الثقافي المؤسسي في حال كهذه رهن قناعات شخصية، وإمكانات وقدرات الأفراد بعيدا عن خطط المؤسسات وتخطيطها، التي من خلالها تجسد رؤيتها وتؤدي رسالتها، وتحقق أهدافها، ما يجعل من إسهام هذه المؤسسة أو تلك في تنمية الثقافية أمرا محالا متى ما كانت إدارتها متعثرة.
ومع اتساع مفهوم العمل الثقافي بامتداد فضاءات فنونه من جانب، وتعدد مدارس الإدارة من جانب آخر، إلا أن حقيقية الرهان، لا تكمن في مجرد مثقف مشتغل بفن من فنون تلك الفضاءات، أو آخر ممارس للعمل الإداري بوصفه (وظيفة)، ما يجعل فنيات إدارة العمل الثقافي فنا قائما بذاته، الذي أتصور أن عددا من الباحثين في هذا المفصل الجوهري من مفاصل العمل الثقافي، قد توصلوا إلى ما يمكن إجماله في مكونين رئيسيين، الأول: التخصص، الذي يعني بالضرورة الإلمام بماهية الثقافة عبر الفهم والوعي بفنونها، وحركتها الإبداعية، ومسارات خارطتها الثقافية، إذ ليس بالضرورة في - رأيي – أن يكون المسؤول عن إدارة المؤسسة الثقافية علما من أعلام فن ثقافي ما، لأن (التفرّد) في أي علم أو فن كما أتصور لا يقبل الشركاء، ولا يعايش الخلطاء!.
أما المكوّن الآخر فيتمثل في الاختصاص، الذي من شأنه الإلمام بكل ما يحيط بالثقافة بوصفها إحدى أبنية المنظومة التي تعمل من خلالها، وتشتغل في محيطها، التي يأتي ضمنها الوعي بالإدارة بمستوياتها الثلاثة: علما، فنا، ممارسة؛ ما يجعل من تكامل المكونين يوجد فارقا نوعيا بين من يتعامل مع «مسؤولية» العمل الثقافي بوصفها إدارة (وظيفة)، ومن يتعامل معها بوصفها (قيادة)، تعني الإبداع والابتكار والتجديد والتطوير المستمر.
كما يفتح المطر ملفات حافلة بالأناشيد، كذلك حال مواسم الثقافة، فكم من صيف بارد ثقافيا! وهجير حدث يتفيأ ظلال غياب إدارة الثقافة!
- محمد المرزوقي