علي الخزيم
قال خبر نشرته (الجزيرة) إن المديرية العامة للجوازات في المنافذ الدولية للمملكة أنهت إجراءات 6.608.118 مسافرًا، خلال إجازة عيد الفطر المبارك بينهم (4.077.455) مغادرًا، فلو افترضنا أن ثلاثة ملايين من هؤلاء فقط كانوا من المواطنين الباحثين عن المتعة السياحية الاستجمامية وحَسَبنا إمكانية توزيعهم على المناطق والأماكن السياحية والأثرية داخل المملكة، ثم حسبنا كم من الأموال ستتوفر داخل البلد جراء استقطاب هؤلاء المواطنين للسياحة الداخلية؛ لظهر جليًا مدى أهمية تنشيط السياحة وتأسيس أركانها وتوفير أسبابها، مع مراعاة الابتكار والتجديد في سبل العرض والجذب بما يلائم التنوع البيئي داخل الديار السعودية، وهي معطيات تمنح المزيد من الإبداع وطرق التشويق للتنقل بين ربوع بلادنا الحبيبة، مع الأخذ في الاعتبار عمل الجهات ذات العلاقة على متابعة ومراقبة المشروعات السياحية من كافة الجوانب بما فيها توطين الوظائف والأسعار وجودة العرض والمنتج، وما يتبع ذلك من مراكز التدريب على الصناعة الفندقية والسياحية وفنون الترويج والتسويق وغيرها، كل ذلك في محاولة لتحقيق تطلعات ولاة الأمر والمسؤولين عن الرقي بالسياحة الداخلية لتواكب نظيرتها بالبلاد الأخرى التي ما زالت تجذب السائح السعودي، فلدينا مقومات جيدة للسياحة من آثار ومواقع بكر ذات طبيعة خلابة، وتنوع بيئي وجغرافي وثقافي، وشواطئ جاذبة يمكن استثمارها بأروع المشروعات السياحية.
الجهود الخيِّرة المبذولة للتنشيط السياحي يجب أن ترافقها جهود المواطن العادي وثقافة المستثمر بهذا المجال، فلا يمكن أن تعمل هيئة السياحة لوحدها بينما البعض لا يجيد التعامل مع السائح بل ربما عمد إلى استغلاله فيما يستطيع من خدمات، والكلام ذاته يوجه للمستثمر الذي يُقَدم أقل القليل للسائح ويطلب الكثير لا سيما في مواسم الذروة بحجة أنه موسم للتعويض عن بقية فصول السنة، لكنه لم يحاسب نفسه إن كان يقدم البضاعة السياحية الجيدة مقابل هذا الاستغلال، وترك العمالة تعبث بالمنتج والأسعار فهي عمالة متدنية لا يهمها سمعة ورقي البلد.
الحديث عن الموضوع متجدد لا ينتهي، غير أن ما أثاره هنا هو أني بحثت على المواقع الإلكترونية عن منتجع أو استراحة عائلية لنهاية الأسبوع؛ وبرز إعلان مُشَوِّق بصور جاذبة (فوتوشب) فتوجهت للموقع ووجدت استراحة بدائية الخدمات يديرها عامل آسيوي وتقع مقابل (مَعْطِن) للابل، وهو مكان مُشَبَّك تحتجز داخله، والشارع غير ممهد والغبار يغطي الأمكنة وتزيدها الروائح تقززًا ونفورًا، بكم أجرة الاستراحة يا رفيق؟ قال: الليلة 1200 ريال، ومع اشمئزازي المسبق دخلت لإلقاء نظرة استطلاعية على هذا المشروع السياحي، فرأيت - وباختصار شديد - أن العامل أراد معاملتنا كما يعامل مَعْطِن الإبل أمام استراحته، ويبدو لي أنه وأمثاله يستأجرون مثل هذه المواقع الموحشة التي يسمونها (استراحات) من أصحابها بالأجر السنوي ثم يؤجرونها باليوم ويتكسبون على حساب سمعة السياحة السعودية، واللوم الأكبر على من منحهم الفرص، وللحق فإن ليس كل أصحاب الاستراحات كذلك فتجد مستويات أفضل وأرقى وإن كانت الأسعار خيالية، وأكثر ما آلمني واقع أحواش بائسة يسمونها شاليهات!