أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: المسلِمُ مُسْتَقِرُّ الإيمانِ بكمال اللَّهِ الْمُطلق إجمالاً، ويشهدُ للشرع تفصيلاً، ثم يؤمن بالناموس الذي جعله الله لابتلاء الخلق من الثقلين، وتكليفِهم ذلك لِقاءَ ثواب أو عقاب دنيوي أوْ أخروي، أو هُما معاً يترتَّب على الطاعة والمعصية بما يراه المكلَّفُ من البراهين على أيْدي الرُّسُلِ عليهم صلوتُ الله وسلامُه وبركاتُه؛ وذلك مِنْ واقعِ سِيَرِهم، ومِمَّا بَلَّغُوهُ من إيحاءِ الله إليهم، ومن الْمُقارنة بين واقع ما عليه دعوتهم، وما عليه الناس الذين أُرسِل إليهم؛ فَيَحْصُلُ لهم الإيمانُ بصدق الرسول، وأن الدين الذي جاء به الرُّسُلُ آتٍ من عند ربِّهم؛ وبمجردِ هذا العلمِ يَعلَمُ أنَّ الشرع معصوم، وأن مبلِّغه معصوم؛ لأنَّه آمن بالكمالِ الْمُطلق للرب مرسل الرسول ومنزل الشرع جَلَّ جلاله؛ فيحيل أيَّ نقص ينافي عصمته؛ لأنَّ مِن كمال الله الصدقُ والعلم والحكمة والعدل والإحسان.. إلخ.. ثم ينظر في تفصيلات الشرع: فما توصل إلى معقوليته أو عدله أو صدقه تفصيلاً من خبرةٍ حسية سابقة أو لاحقة: فحينئذ يكون العقل بأحكامه معبِّراً عن نفس الحقيقة التي جاء بها الشرع خبراً أو طلباً كحكمةِ القصاص، وكَتَحَقُّقِ وعد الله عن طريق الشرع بخلقٍ جديد للركوب والزينة غيرِ الخيل والبغال والحمير؛ فيكون العقلُ حينئذ مصدِّقاً لتفصيله بالتفصيل.. وما لم يتوصَّلْ إلى معرفةِ الحكم فيه، أو العلمِ به عِلْمَ كيفيةٍ وكَمية من الغيوب التي لا تكون إلا في الآخرة: يُؤْمِنُ بها بناء على إيمانه بكمال الرب وعصمة الشرع؛ لأنَّه ليس في معارِف العقل وأحكامه ما يمنعه من الحكم بالعصمة؛ فالعلم عند العقل يكون على وجْهي تحقُّقِ الْمُقتضي وتخلُّف المانع؛ وبهذه الْمَعرفة يكون اللقاء بين الْمَعرفة البشرية والْمَعرفة الشرعية. قال أبو عبدالرحمن: حَسَبَ ما أَسْمَعُ، وحَسَبَ ما أُبَلَّغُ به مِمَّا يُبثُّ في الإنترنت: رأيت أنَّ الإلحادَ تَفَشَّى في هذه البلاد التي تَرَبَّتْ على الدينِ الحقِّ الْمُبينِ الذي تَطْمَئِنُّ به القلوبِ ببثِّ علماءَ ربَّانِيّْيِيْن، وحكومَةٍ مضى لها أكثرُ من ثلاثةِ قرونٍ، والله المرجُوُّ جلَّ جلالُه أن يُدِيمَ ظِلَّها ما بقيتْ أيَّامُ الدنيا وأعوامُها؛ وأولئك من أمثال الإمام محمد بن سعود، وابنهِ عبدِالعزيزِ، وابنه سعودٍ من الفرع الأول.. والإمامِ محمد بن عبدالوهاب، ثمَّ كان من الفرع الثاني الإمامُركي، وابنه فيصل، وأبناؤُهُ، وحفيدُه الملكُ عبدالعزيز إلى هذا اليوم، ومن العلماءِ أصحابُ السماحَةِ محمد بن إبراهيم، وعبدالعزيز ابن باز، وعبدالله ابن حميد، وابنه صالح، وسعد بن تركي الخثلان، وعبدالكريم الخضير.. إلخ.. إلخ رحمنا الله وإياهم جميعاً حيَّنَا وميِّتنَا، ولعلَّ من حَصَل منهم الإلحادُ قد أَمِنُوْا العقوبَةَ المشروعَةَ كَمَنْ قال: (.. واعتقد بأنَّ بدايةَ النهضة العربية هي بإعادة الاعتبار لفترة ما قبل الإسلام).. أيْ عليهم أنْ يتخلَّوا عن الإسلامِ؛ ليكونوا معْكُوميْنَ مستعمَرين بين عجمٍ وروم!!.. ويا ليت هؤلاء جَرَّبُوا لذَّةَ الإيمانِ، حيث طُمأنينةُ القلب، وياليتهم سَأَلُوا أنفسَهم: مَن خَلَقَهم؟!.. هل هم خلقوا آباأَهم، أوخلقوا السماواتِ والأرض وما بينهما ، أو خلقوا المشرقَ والمغربَ كما قال فرعون وهو أعظمُ منهم حَوْلاً وطَوْلاً.. وفي بلادِهم جزيرةِ العربِ أكْبَرُ حظٍّ ونصيب من آياتِ الله في الآفاق: في الرُّبْعِ الخالي (الصَّيْهَدِ)، وفي الأحقاف، وفي مدين، وفي جبالِ قوم صالح عليه صلاةُ الله وسلامُه وبركاته.. وأسألُ اللهَ جَلَّتْ قدرتُه أنْ يربِطَ على قلوبِهم، وأنْ يَرُدَّهم إليه ردَّاً جميلاً؛ فإنهم مأسوفٌ عليهم، والْعِرْقُ اليومَ أخْضَرُ، وغداً يابس؛ وذلك حِيْنَ لا يَنْفَعُ نفساً إيمانُها كما قال تعالى:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (158سورة الأنعام).. وَقَبْلَ ذلك عند قَبْضِ الأرواح عندما يكون البصرُ حديداً؛ فيرى ماكان عنه محجوباً في الدنيا؛ لأنَّ الله طالبه في دنياه بالإيمان بالغيب..وياليت شِعْرِي: هل خُلِقُوا مِن غيرِ شيىءٍ ، أم هم الخالِقُون.. وياليت شعري: مَن عَلَّمَ بالقلمِ وهو بغيرِ يدٍ وعقلٍ يقظٍ وحِسٍّ سليمٍ أبْكَمُ.. ومَن عَلَّم الإنسان ما لَمْ يعلم منذ فجْرِ البشرية؛ بل مَنْ علَّمَ الملائكَةَ عليهم سلامُ الله وبركاته الذين قالوا لربهم: لا عِلْمَ لنا إلا ما عَلَّمتنا، وهكذا الثَّقلانِ من الجِنَّ والإنس، وإنْ كانوا يُنْكِرُون وجود ملائِكة وجنٍّ فهم بيقين لَمْ يَعُوْا لَمَّة الْمَلكِ وظائِفَ شياطين الجنِّ.. ويا ليت شعري ألم يروا عِياناً ماأخبر الله بوجودهِ آخِرَ الزمانِ إمَّا عَيْناً، وإمَّا وَصْفاً كما مضى الكلام عنه مِن خَلْقِه ما لَمْ نَعْلَمْ، وكالكاسيات العارِياتِ، وكالذهاب إلى المساجِدِ على المياثر، وكالإنذار بفتنة لا تصيبُ الذين ظلموا خاصَّة؛ ونحن نرى ذلك اليومَ عِاناً مِن جَرَّاءِ الركونِ إلى الذين ظلموا، وهم اليوم يتقاسمون أراضينا وأموالَنا، ويَتَبَنَّوْنَ مع المتبرِّجاتِ حَلَّ أزَمَاتِنا؛ وكلُّ ذلك سرابٌ؛ فأنَّا لهم إذا جاء أشْراطُها.. وياليت شِعْرِي ألَمْ يَخْلُقْهُمْ ربُّهم، وجعل الله لهم حُرِّيةَ اختيار الإيمان أو الكفر، ومنحَهم العقل والحس؛ فمنهم كافِر باختياره تلتهمه نار جهنَّمَ أبداً، ومنهم مُؤْمِنٌ ثبَّت الله اِختيارَه بالإعانَةِ والتوفيق؛ فأحياه الله في دنْياه حياةً طيبة، وجعله صابراً شاكراً، وأحسنَ عاقبتَه عند الممات وفي البرزخ، ويوم يقومُ الأشهادُ في جنات لنعيم.. اللهم يا أرْحَمَ الراحمين رُدَّهم إليك رَدّْاً جميلاً.. آمين آمين آمين يارب العالمين.. وإلى لقاءٍ في السبتِ القادِم إنْ شاء الله تعالى, والله المُستعانُ.