سلمان بن محمد العُمري
مهرجان التمور في بريدة أنموذج يفخر به أبناء الوطن كافة، هو وغيره من مهرجان التمور أو مهرجانات التسويق الوطنية لمنتجاتنا الزراعية، ولكن هذا المهرجان في بريدة يظل الأميز كمًّا وكيفًا، مع تميز آخر لهذا المهرجان الذي يحظى برعاية واهتمام شخصي من صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم الهمام الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود.
هذا المهرجان أشهر مهرجان للتمور المعروضة في العالم، ويستمر 45 يوماً؛ إذ تشتهر منطقة القصيم بنخيلها الذي يضخ منتج التمور عبر أكثر من ثمانية ملايين نخلة تحتضنها المنطقة، التي تشتهر بأجود أنواع التمور. ويسجل المهرجان هذا العام 1438هـ حضورًا مميزًا بفعاليات جديدة وبرامج ثرية متنوعة؛ مما سيسهم في تنشيط حركة السوق اليومية، وتنوُّع المناشط المصاحبة التي تشكِّل مع التظاهرة الاقتصادية تظاهرة اجتماعية عبر مشاركة الأسرة والطفل وحتى الشباب في فعاليات أكسبت المهرجان روحًا متنوعة، ترضي شرائح المجتمع كافة.
من أبرز الإضافات التي تمت في مهرجان سوق بريدة للتمور هذا العام على صعيد التنظيم والإشراف والرقابة، وبمباركة من سمو أمير المنطقة على تحقيق أهداف ذات بُعد استراتيجي في ترسيخ الرقابة وحماية المستهلك كثقافة عامة في عمليات التداول، وإسناد عملية التنظيم إلى طرف ثالث منظم من القطاع الخاص بغية تحقيق مزيد من الاحترافية في إدارة العمل وتركيز الأمانة في الإشراف.
يُقام المهرجان سنويًّا في سوق التمور بمدينة بريدة، الذي تم إنشاؤه وفق أحدث المعايير والتصاميم العالمية، وتجاوزت المساحة الإجمالية للساحة 27 ألف متر مربع. ومن أبرز مرافق السوق الساحات المخصصة للسيارات المحملة بالتمور من مسارات لسيارات النقل الصغيرة، ومسارات أخرى للشاحنات، كما تم تجهيز مظلة بيع معلقة بشكل هندسي مميز بمساحة سبعة آلاف متر مربع، وتمت إنارتها بمعايير دقيقة لتساهم في عرض المنتج بشكل واقعي في الفترات المسائية.
المتغيرات والإضافات التي تمت في مهرجان هذا العام سوف تزيد من وهج ونجاح هذا الموسم، وتأتي امتدادًا للنجاحات السابقة؛ إذ شكلت لجنة إشرافية برئاسة أمين منطقة القصيم وأعضاء من الجهات ذات العلاقة، ومن المؤثرين في سوق التمور من ملاك مزارع وتجار ودلالين. كما تم تعزيز وتفعل جانب حماية صحة المستهلك بإشراك مختبر الأمانة، والزراعة، والكشف الوقائي، وشكلت لجنة رباعية للكشف على عينات من التمور الواردة لمدينة بريدة، لضمان سلامتها من المبيدات الزراعية. وتقوم اللجنة بأخذ العينات العشوائية من السيارات المحملة بالتمور في الفترة المسائية قبل دخولها المزاد فجرًا، ويجري التحليل مباشرة لها، وتكون النتائج المخبرية جاهزة قبل الفجر.
ويتميز هذا السوق بأنه الأكبر في العالم من حيث العرض، وتقدر مبيعاته اليومية بـ 18 مليون ريال سعودي. وتعد مدينة التمور بمدينة بريدة أكبر تظاهرة اقتصادية وغذائية متفردة تشهد يوميًّا حركة اقتصادية هائلة، يجسدها حجم السوق الذي تقصده يوميًّا أرتال من السيارات والشاحنات التي تحمل مئات الآلاف من عبوات التمور. كما يعد سوق بريدة للتمور من أكبر أسواق بيع التمور في الشرق الأوسط بحجم ما يرد إليه من كميات تمور لأصناف متعددة. كما أن أصناف التمور تتجاوز الثلاثين صنفًا. ويدخل يوميًّا إلى السوق 2400 سيارة بسلاسة وسهولة ويسر، وعبر مداخل منتظمة وخطوط سير متعددة ومحددة المسارات.
أمانة منطقة القصيم عملت على توفير خدمات مساندة للسوق؛ إذ نسقت مع الجهات المختصة لتوفير مواقع للشحن عبر البريد السعودي، وشركات متخصصة في الشحن والنقل العام والنقل المبرد لداخل المملكة ودول مجلس التعاون.
ويقام على هامش المعرض فعاليات مصاحبة في مدينة التمور، تتضمن إقامة معرض للمنتجات المتعلقة بالنخلة، تشمل وجود حرفيين يقومون بفتل الحبال من بقايا النخيل، وخيمة للضيافة لاستراحة الضيوف والزوار والمتسوقين. كما يوفر السوق فرص عمل من خلال مزارع النخيل والنقل وجني المحصول والعمل في الدلالة والبيع وغيرها من المهن التي يعمل فيها بعض الشباب السعودي.
شباب مدينة بريدة بحناجرهم الذهبية، ومع إشراقة كل صباح، يؤكدون قدرتهم على قيادة أكبر ساحة للتمور المعروضة في العالم. هؤلاء الشباب تجدهم في الإشراف العام، وفي التسويق والحراج، وفي كل ركن من أركان السوق. وللفتيان وللأشبال قصة؛ فتجدهم يشاركون الشباب في البيع والشراء أو التحميل والنقل بالعربات؛ ليؤكد مهرجان بريدة للتمور أنها مدينة لا تعرف التثاؤب.
وبعد هذا الاستعراض الموجز السريع عن هذا المهرجان أجدني بحاجة إلى أن أثني على ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، من أهمية تنمية الموارد الزراعية بالمنطقة والمحافظة عليها، وما بينه من أن منتج التمور أحد المنتجات المهمة التي ستتحقق العناية والاهتمام بها من خلال مهرجانات التمور، وأهمية المخرجات بالتنظيم والتطوير لمهرجان تمور مدينة بريدة وما حققه خلال السنوات الماضية؛ كونه رافدًا اقتصاديًّا للمنطقة لما تحظى به التمور في مجتمعنا من أهمية كبيرة؛ كونها ذات قيمة غذائية متميزة. ولكني بحاجة إلى أن أؤكد ما قلته سابقًا بأننا لم نستطع تسويق تمورنا خارجيًّا حتى الآن، وأننا بحاجة لمهرجانات ومعارض خارجية؛ فتمورنا ذهب لم تُكتشف للعالم الخارجي بعد!!