أحمد بن عبدالرحمن الجبير
التخطيط للموارد البشرية والمالية، واحدة من أساسات النجاح الاقتصادي للوطن على مختلف المستويات، كما أن تنمية رأس المال البشري السعودي مهم جدا، ويضعنا أمام مهمة يجب أن تكون من ضمن المهام الرئيسة لهيئة توليد الوظائف، والتي لم تتفاعل حتى الآن مع رغبات ومتطلبات شباب وشابات الوطن، حتى وسط الخريجين الجامعيين، وفي ظل غياب الاستراتيجيات الوطنية للتوظيف من هيئة توليد الوظائف، وظلت سياسات التسكين، والتطمين حاضرة، لكنها لم تحل مشكلة البطالة.
الملفت للانتباه ان البطالة في ازدياد، وانها اليوم تتجاوز 13% وفقا للإحصاءات الرسمية، وان الحلول المطروحة نظرية، وان من الامانة والمسؤولية الوطنية، ان ينظر الجميع الى مشكلة بطالة الشباب السعودي، وان يوليها الاهتمام، لا سيما أن هذا الملف أنيط في السابق بوزارة العمل، ولم تقم بدورها المأموال، وتوقعنا ان يجد الاهتمام الكامل من هيئة توليد الوظائف لكن للأسف الشديد ظلت هيئة توليد الوظائف تراوح مكانها.
إن حل مشكلة البطالة ليس بالتوظيف فقط، بل في بناء واعتماد مشاريع وشركات عملاقة، ومدن صناعية واقتصادية، وعلاقات اقتصادية اقليمية، لذا أدعو إلى مؤتمر سعودي لمناقشة قضايا البطالة تساهم وتشارك فيه جميع المؤسسات الرسمية والشركات الخاصة، والبنوك، ورجال المال والاعمال، والصحافة والاعلام.
ان 900 الف سعودي على قائمة انتظار الوظائف، رقم ليس مخيفا في دولة مثل السعودية، فهناك مجالات متاحة للعمل في المشاريع الانتاجية الجديدة، والتصنيع العسكري، وهناك المركز المالي، والمدن الاقتصادية والصناعية، والوزارات الخدمية، وهناك قطاعات حيوية تحتاج من الدولة ايجاد البيئة التدريبة اللازمة لها، فقد طالبنا بإنشاء الاكاديمية السعودية للتمريض، يحصل فيها الطالب والطالبة على التدريب الفني، والمهني المتخصص.
ففي الدول المتقدمة تشرف هيئات كثيرة، ومؤسسات مجتمع مدني على توظيف مواطنيها، وعمل البرامج التأهيلية والمهنية لهم، لذا يفترض أن يكون لدى هيئة توليد الوظائف رؤى وخطط استراتيجية مبنية على مؤشرات حاجة سوق العمل من خلال برامج التحول الاقتصادي 2020م والرؤية السعودية 2030م، وان تفرض خططا تنموية، ومهنية ومستقبلية جديدة، وبخاصة في المجال التقني والصناعي والتجاري، والزراعي والسياحي، وأن يتم تطوير الموانئ، والمطارات وخصخصة العمل بها شريطة استيعاب اكبر عدد من الموظفين السعوديين، وتوطين الصناعات الدوائية، وكذلك تأنيث المحلات في مراكز التسوق في المولات والمطارات.
وكذلك انشاء أكاديمية للعلوم الامنية تستوعب الشبان والفتيات، وفقا لدراسات تؤمن حاجة ومتطلبات مستقل الوطن، وسعودة وظائف العلاقات العامة والسكرتاريا، والمكاتب الهندسية، والتعليم الاهلي والعالمي، وانشاء كلية للتصميم والديكور، والتزيين والحلاقة، والاعمال المهنية الاخرى مثل الكهرباء والسباكة، والنجارة والحدادة، والبدء بتوطين مرحلي لهذه القطاعات مع أول دفعة من الخريجين والخريجات من المعاهد المهنية.
فالبطالة حالة تؤثر على سلوك الابناء، وتضعف اندماجهم، وتجعلهم فريسة يد الغدر والارهاب وان البدء بتطبيقات عملية، وفعلية لما تحدثت عنه رؤية السعودية 2030م والتحول الاقتصادي 2020م يمكن ان يؤسس لتحول اقتصادي اجتماعي، وثقافي جديد، فالشباب السعودي، لديه القدرة على مواجهة الصعاب والتحدي، وليس لديه ثقافة العيب ان تم دعمه، وجعله قادرا على خوض مضمار الاستثمار وتوظيف الاموال.
ولعل تجربة (اوبر) في طريقها للنجاح رغم الاحباطات، والعراقيل التي تواجهها، فقد تقلصت سيارات اللمازين في شوارعنا، لكن يجب ان يكون المنتج الجديد أكثر رقيا واحتراما، وقانونية من السابق، وعلى المؤسسات المالية والاندية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومجمعات الاحياء الاهتمام بالفتيات، والشباب السعودي، والعناية بهم، ودعمهم في تحقيق رغباتهم، ومساعدتهم للوقوف على اقدامهم، ومساندة المبادرين منهم، الذين خطوا طريقهم بنجاح. وأن يكون الدعم مؤسساتيا، على شكل قروض طويلة الاجل مربوطة بسياق تنموي استراتيجي وان تدعم القروض المشتركة لمشروعات يتم الموافقة والاشراف عليها من قبل وزارة المالية، والعمل والتجارة، وهيئة توليد الوظائف، لأن المملكة ذات الاقتصاد العالمي، لديها من القدرة والامكان على اعادة ترتيب اوضاعها الاقتصادية بما يضمن تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والامني الوطني.
لذا يجب على هيئة توليد الوظائف السعي الى انتاج الوظائف للجميع، وتخفيف حدة التوتر الاجتماعي بسبب ضعف فرصة العمل، وتقديم اعفاءات تشجيعية للشركات والمؤسسات التي تحرص على توطين الوظائف، وتوظيف السعوديين، وعلى جميع مؤسساتنا العامة، والخاصة تعزيز، ودعم توظيف شباب وشابات الوطن، والنظر إلى السعودة على أنها قضية وطنية يجب المساهمة فيها استجابة لنداء الملك سلمان -حفظه الله- الذي طالب فيه المسؤولين بإيجاد فرص عمل للجميع.