سعد بن عبدالقادر القويعي
شكَّل قرار فرض قانون جديد للكونغرس الأمريكي، القاضي بزيادة العقوبات الاقتصادية ضد حزب الله، وتجفيف مصادر تمويله، ومعاقبة أي مؤسسات أو دول تتعاون معه، وخصوصًا إيران، حلقةً جديدة في سياق المواجهة المفتوحة بين دول العالم والحزب المتهم بالاضطلاع بأدوار (عسكرية وأمنية) في دول المنطقة. كما أنه سيخرج بالقرار عن دائرة العقوبات التقليدية؛ لأن الحزب سيجد نفسه في وضع صعب أمام الرأي العام؛ باعتبار مليشيات الحزب بقادته وفصائله وتنظيماته التابعة له والمنبثقة منه تُعتبر منظمة إرهابية؛ وهو ما سيشكِّل انتكاسة للنفوذ الإقليمي المتزايد للحزب، ولثقته غير المتنامية خلال الفترة الأخيرة في لبنان.
لم يكن حزب الله حركة مقاومة وطنية، ولكنه مجرد دمية إيرانية، تستمد أيديولوجيتها وتمويلها وتدريبها وتوجيهاتها مباشرة من طهران؛ إذ إنه منذ نشأته هيمن حزب الله على شبكات عالمية تضم أعضاء وأنصارًا لتقديم الدعم المالي واللوجستي، وحتى العملياتي في بعض الأحيان. ويتمكن الحزب من خلال هذه الشبكات من جمع الأموال، وشراء الأسلحة، والمواد ذات الاستخدام المزدوج، والحصول على وثائق مزورة، وهو ما يؤكده ماثيو ليفيت، الزميل الأقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، عندما قال: «يجب أن لا يخالجنا أي شك في ذلك؛ فحزب الله يعمل بشكل واضح كمنظمة إجرامية عابرة للحدود، وقد تم تأكيد هذا التقييم مرارًا وتكرارًا، وعلنًا من خلال تحقيقات إنفاذ القانون، والمحاكم الجنائية».
ويأتي النشاط غير القانوني والإجرامي لحزب الله تحت طائلة مشروع القانون الجديد للكونغرس، الذي استهدف نشاطات تجارة المخدرات التي يقوم بها الحزب، إلى جانب النشاطات الإجرامية الدولية، مثل: ابتزاز الأموال، وتبييضها، بما في ذلك نشاطات التهريب، والمساعدات الإيرانية، وعائدات الجمعيات الخيرية.. وهو متوافق مع تصنيف المليشيا اللبنانية الشيعية كجماعة إرهابية لدول مجلس التعاون الخليجي بناء على مشاركتها في سلوكيات عدائية في المنطقة، وتهديدها الأمن الوطني العربي عبر تهريب السلاح، والحث على العنف، وتجنيد الإرهابيين، وذلك في انتهاك صارخ لسيادة دول المنطقة، وأمنها، واستقرارها.
السيناريو الذي ترتسم ملامحه اليوم هو أن زخم هذا القرار سينعكس إلى مستوى غير مسبوق؛ كون العقوبات الأمريكية ستقلص بشكل كبير نشاط شبكات تمويل حزب الله، وأعماله الإجرامية الدولية، إضافة إلى معاقبة مؤيديه، وفي مقدمتهم إيران، وذلك استنادًا إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول العالم، والقوانين الدولية المماثلة.