عبد الاله بن سعود السعدون
الرغبة الصادقة لدى أعضاء كل الفئة المغيبة والواسعة من أبناء الشعب العراقي الصابر، العمل بأمل من أجل المحافظة على وحدة التراب والوطن الموحد، بعد أن عصفت به ويلات الحرب التي كان أطرافها الجيش العراقي من جهة والعصابات المرتزقة المسماة داعش التي أصبحت نهايتها قريبة وزوال وبائها عن أكثر من ثلث العراق الذي تم تخريبه تماماً وأهينت كرامة مواطني تلك المناطق وكل مؤشرات التحليل السياسي ترجح مشاركة جهات سياسية وعسكرية ذات صلة عمالة بملالي طهران في تسهيل دخول هذه الشرذمة الإرهابية والمجهولة المصدر للأرض العراقية على عامة المواطنين الأبرياء من شعبنا العربي والمعروفة من قبل ومن مولها وهيأ لها المال والسلاح والتشكيل العسكري حتى سك العملة المعدنية باسم خلافتهم المزعومة ومستشفيات دول الجوار العراقي التي استضافتهم لتضميد جرحاهم... والآن وبكل وقاحة يعلنون تمسكهم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لمحاربة الإرهاب.
ويمر العراق اليوم بأخطر مرحلة سياسية منذ احتلال بغداد عام 2003م ولم يستطع القادة السياسيون الوصول لمرحلة أولية للمصالحة الوطنية وفتح صفحة جديدة من الثقة والمحبة بين كل أبناء الرافدين، ومحاولة لغلق كل ملفات الإسقاط السياسي الذي كانت شخصيات عراقية عربية وطنية ضحية لهذه الحملة الطائفية السياسية وشهد المشهد السياسي تشظي العديد من الكتل السياسية العرقية والمذهبية، ففي إقليم كردستان انقسم الشارع الكردي بين مؤيد للاستفتاء العام الهادف لخيار الوطن القومي الكردي والعودة لماضي مملكة مهاباد، وهذا الشعار رفعه الزعيم الكردي مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتعتقد المعارضة الكردية المتمثلة بكتلة التغيير بأن التوقيت غير مناسب وسيؤدي لوأد الأمل القومي الكردي من تكالب القوى المعارضة إقليمياً ودولياً، علاوة على الرفض التام من قبل حكومة العبادي لهدف الانفصال لمخالفته للدستور وخطر ضياع محافظة كركوك المصدر النفطي المهم للدولة العراقية والداخلة تحت المد الكردي نتيجة لأحداث مقاومة عصابات داعش.
المحلل السياسي للمشهد العراقي لا يمكنه أن يغفل أهمية الزيارات العسكرية لجانبي الجوار العراقي الإيراني والعربي فقد تزامن قيام وزير الدفاع العراقي اللواء عرفان الحيالي لطهران، وزيارة الفريق الأول الركن عبدالرحمن بن صالح البنيان رئيس هيئة أركان الجيش السعودي لبغداد، وشكلت زيارة الحيالي رسم مرحلة جديدة للعلاقات العسكرية مع طهران وتضمينها باتفاقية دفاعية تعتمد على احترام سيادة الجغرافية العراقية وضبط منافذ حدوده وبسط سلطة الدولة العراقية على الحدود المشتركة والتعاون من أجل محاربة الإرهاب، وفي الحقيقة إن الهدف الأساسي لهذه الزيارة هو نقل رسالة سياسية للوضع العراقي الجديد بعد الموصل وانفتاح العراق على جواره الجغرافي بتوازن تام، وأنتجت زيارة الفريق البنيان ثمارا إيجابية عدة تركزت على التعاون المستقبلي بين البلدين الشقيقين المبنية على الثقة والاحترام وأعلن الفريق عثمان الغانمي رئيس الأركان العراقي عن سروره وتقديره لمستوى التعاون والتفاهم السعودي لكل المجالات العسكرية والخاصة بالتعاون المشترك لمحاربة الإرهاب والتوافق لإنشاء مركز أمني مشترك لتبادل المعلومات، وتم الإعلان عن فتح المنافذ الحدودية بين البلدين الشقيقين لتسهيل التبادل الاقتصادي وتنقل المواطنين وبدأت تباشير هذا التوافق المشترك وصول حجاج البر العراقيين لمنفذ عرعر الحدودي لبدء مرحلة جديدة بين العراق والمملكة العربية السعودية.. ومن المنتظر في القريب ظهور مؤشرات إيجابية عدة لتحول الاتجاه السياسي العراقي نحو الانفتاح على بيته العربي.
علا الهمس السياسي بظهور تغييرات جذرية في الخطاب السياسي في داخل العراق وخارجه وتحوّل بوصلته نحو استقلال الوطنية السيادية وإبعاد النفوذ الإيراني المتأصل في جسم كل مؤسسات الحكومة الاتحادية في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية وبداية التغيير السياسي بظهور انقسامات حزبية وما حصل في تفكيك الأحزاب المذهبية كالحزب الإسلامي الذي ابتعد عن مؤسسيه وأعضائه في الحكومة، وأعلن قائمة جديدة للمرحلة المقبلة وتبعه المجلس الإسلامي الأعلى ووجهه السياسي كتلة المواطن إلى تنظيم جديد أطلق عليه.
(تيار الحكمة الوطني) وابتعد بشعاراته السياسية عن المذهبية السياسية، متخذاً المواطنة مظلة لتجمع الشعب العراقي بظلها ونبذ الطائفية السياسية وإعلان الباب المفتوح للتعاون مع كل الكتل السياسية التي تعلو بشعاراتها عن الطائفية المفرقة..
العراق يتجه لتنفيذ إستراتيجية وطنية تعتمد المواطنة أساساً لتشكيل الدولة الأم دون تمييز طائفي وعرقي، بل حتى التحضير الجاد لخطط مرحلية تدعو للمصالحة الوطنية للشعب الواحد الموحد الذي يحتضنهم الوطن الجغرافي العربي حسب عقد اجتماعي شامل لكل العراقيين بما يحقق الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي.. والذي أخشاه أن تبرز مفاجآت سلبية غير متوقعة تماماً على مسرح العمليات العسكرية لتحرير الموصل من مليشيات منفلتة تنفذ أجندة التدخل الإيراني في العراق قد تؤدي لتغيير جيوسياسي في العراق بأكمله.