فهد بن جليد
بحلول صيف 2018م ستصبح شواطئ كونستانتا في رومانيا صديقة وجاذبة للمُعوّقين، ومُستخدمي الكراسي المُتحركة من كبار السن، الذين سيتمكنون من الاستمتاع بتلك الأجواء الساحلية باستخدام كراسي عائمة، يتغلبون بها على حرمانهم من الاستفادة من الشواطئ البحرية - لا أعرف لماذا لم نفكر سابقاً بمثل هذا الأمر - وخصوصاً أنَّ أصحاب الشأن لم يُطالبوا بمثل هذا، كونهم غارقين في التفتيش والبحث عن حقوقهم على اليابسة وداخل المُدن وفي المطارات.. ولكن هذا لا يعني أن نحرمهم مثل هذه الفكرة الرائدة.
ليس عيباً أن نستفيد من تجارب وأفكار الآخرين ونجلبها إلى مُجتمعاتنا لنكون أكثر ابتكاراً وتنافسية، ومسألة تهيئة البنية التحتية لشواطئنا لتُصبح أكثر مُلاءمة لأصحاب الكراسي المُتحرِّكة أحد تلك الحقوق الغائبة عن المشهد، ويجب لفت الانتباه لها لتأخذ حقها الكامل لدى المطوِّرين والمُشغِّلين والمُشرِّعين، أسوة بما يحدث في بعض البلدان التي تبنت إستراتيجيات مُماثلة، وانتبهت مُبكراً لقضية اشتراط إنشاء ممرات وطرق يسلكها المُعوقون ويستخدمونها بكل يسر وسهوله ليعتمدوا على أنفسهم، ولا يشعر مُرافقوهم بالحرج والمشقة، وخصوصاً أنَّ الحركة على الرمال وبالقرب من الشواطئ شاقة في الأصل على الأسوياء، فكيف بأصحاب الهمم العالية على الكراسي المُتحرِّكة.
لا يجب أن ننظر إلى هذه القضية من باب الشفقة أو الرحمة أو الرفاهية غير المُلزمة - بل هي حق مُلزم للمُعوّق - كفلها نظام رعاية المُعوقين في المملكة في - مادته الثالثة - التي حددت التنسيق لوضع الشروط والمواصفات الهندسية والمعمارية الخاصة بالمعوّقين في الأماكن العامة، ومنحت كل جهة مُختصة حق إصدار القرارات التنفيذية اللازمة، وحال مُعظم الشواطئ البحرية مؤلم وقاس لحال المُعوّق، الذي يقف عاجزاً وفاقداً القدرة على تنمية مهاراته فيها أو حتى الاندماج مع الآخرين للاستمتاع بها بشكل طبيعي.
في السنوات الأخيرة ظهرت العديد من المُبادرات العربية والتشريعات لما يُعرف بـ - شواطئ الأمل - في بلدان عدة مثل (الإمارات، الجزائر، لبنان) وغيرها، والهدف دائماً التقليل من الآثار السلبية للإعاقة في الشواطئ، وتذليل الصعوبات التي تواجه أصحاب الكراسي المُتحرِّكة، وهو ما يجب أن ننتبه له لنُعزِّز هذه الثقافة أكثر، ونمنح هؤلاء فرصة الاستمتاع والترفيه الذي غدا من أحدث أساليب العلاج، بدلاً من الاستمرار في حرمانهم هذا الحق، بحجة عجزنا عن توفير حقوقهم داخل المدن أولاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.