في حقل الشيبة، لا تتوقف الرؤية عند مدّ البصر، بل تمتد الرؤية متوازية مع الطموحات المشروعة لاقتصاد هذا البلد الأمين ورؤيته الطموحة 2030. وكعادتها المشهودة، تلقت أرامكو السعودية، بكل ما أوتيت من ثقة ودعم من لدن القيادة الرشيدة، وبما تفخر به من قدراتٍ يمتاز بها موظفوها الأكفاء، هذه الرؤية وجسدتها في برنامجٍ يهدف على المدى البعيد إلى جعل المملكة العربية السعودية قادرة وبمرونة على مواجهة تحديات الطاقة في المستقبل على الصعيدين الوطني والعالمي، وعلى الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها وعلى إيجاد مزيدٍ من القيمة مقارنة بأي وقتٍ مضى مما سينعكس إيجابًا على رفاهية أبناء المملكة ومن يقيم على ترابها.
إن خير مثال لالتزام أرامكو السعودية على تنفيذ خططها، هو ما قامت به في الماضي القريب بتنفيذ مشروعين كبيرين في حقل الشيبة هما؛ مشروع توسعة حقل النفط الخام، ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي، وهما ضمن حزمة المشاريع التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، في ديسمبر 2016م.
مشروع توسعة حقل النفط الخام
ويتضمَّن هذا المشروع إنتاج كميات إضافية من النفط الخام العربي الخفيف جدًا ذا القيمة العالية بمقدار 250 ألف برميل في اليوم، لتصل بذلك الطاقة الإنتاجية إلى مليون برميل في اليوم بحلول شهر أبريل 2016م، لتعادل ضعف طاقة مرافق فرز الغاز عن الزيت المبدئية عندما تم تشغيلها في عام 1998م.
وقد تمّت خطة الحفر لهذا المشروع على استراتيجيتين أساسيتين، أولاهما تختص بتحديد مواقع الآبار في أماكن أكثر عمقًا وبُعدًا عن قبة الغاز لتعظيم استخلاص النفط. أما ثاني هاتين الاستراتيجيتين، فهي زيادة متوسط مساحة التماس بين الآبار والمكمن في حقل الشيبة من 6 إلى 10 كيلومترات، الأمر الذي يعزز بدوره الإنتاج من الأجزاء العميقة والأقل نفاذية في المكمن.
كما شمل هذا المشروع على توسعة المرافق القائمة في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1، ورقم 3 ورقم 4. ولأن معمل فرز الغاز عن الزيت رقم 4 سيتحمل جزءًا كبيرًا في إنتاج الكميات الإضافية من النفط الخام. فقد شهدت هذه المعامل إضافة أربع وحدات لفرز الغاز عن الزيت، وسلسلة من وحدات مناولة النفط الخام الرطب، ومضخات التعبئة والتصريف والنقل، و23 وحدة وسيطة لزيادة ضغط الغاز، و7 وحدات لتجفيف الغاز الطبيعي إلى جانب جميع المرافق الأخرى المرتبطة بها. كما تضمَّن هذا المعمل إنشاء مرافق إضافية لنقل النفط الخام مع المرافق المرتبطة بها في معملي فرز الغاز عن الزيت رقم 1 ورقم 3. وقد أسهمت هذه التوسعة في تعزيز الطاقة الاستيعابية إلى 4400 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز المصاحب، ما انعكس بدوره إيجابيًا في القدرة الإنتاجية من النفط العربي الخفيف جدًا في جميع معامل فرز الغاز عن الزيت في الشيبة. وفيما يتعلق بالمرافق التي تعمل بتقنية الدائرة المركّبة، فقد تم تحويل مولدات الغاز الستة ذات الدورة البسيطة والتي كانت موجودة أصلاً في المعمل، إلى مجموعتين من مولدات الطاقة ذات الدائرة المركّبة، بواقع 3 مولدات في كل مجموعة. وتقترن كل مجموعة من هاتين المجموعتين بمولّد بخار توربيني لإنتاج ما مجموعه 240 ميجاواط من الطاقة الكهربائية، بالاستفادة من الحرارة المُهدَرَة. وستتضمن عملية التحويل هذه تركيب واقتران كل مولّد بخار توربيني ووصْلِه بثلاثة مولّدات بخار آنية التسخين، ومرافق التبريد ومعالجة المياه المرتبطة بها، وتركيب محطة فرعية جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية بجهد 13.8 كيلو فولت، وتوسعة محطة فرعية، قائمة أصلاً، لمجموعة مفاتيح معزولة بالغاز بجهد 230 كيلو فولت، ومبنى جديد للمعالجة البينية، بالإضافة إلى الأنظمة المساعدة الأخرى.
مشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي
ويشمل المشروع مرافق لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الشيبة ذات القيمة العالية متضمنًا إنشاء معملٍ جديدٍ لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي بطاقة معالجة تبلغ 2.4 بليون قدم مكعبة قياسية لاستخلاص ما يعادل 275 ألف برميل في اليوم من سوائل الغاز الطبيعي المحتوية على الميثان، والعناصر الأثقل من الغاز المُنتَج، وإعادة ضغط وحقن الغاز الخفيف في المكمن. وسيوفّر المشروع كميات كبيرة من الإيثان وهو من أهم أنواع الغاز الذي يساعد في التنمية الصناعية بالإضافة إلى سوائل الغاز الطبيعي الأخرى.
ويشمل المشروع إنشاء مرافق ووحدات لمناولة، وتنقية الغاز، وأخرى لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي. كذلك يشمل المشروع مرافق لإزالة الماء، وضغط الغاز الرجيع، والحمضي، وتخزين وشحن سوائل الغاز الطبيعي، إلى جانب تحسين مرافق مناولة الغاز في معامل فرز الغاز من الزيت الأربعة القائمة حاليًا في الشيبة. وقد اشتمل المشروع أيضًا، على بناء مرافق للمنافع الكهربائية وغير الكهربائية ذات الصلة، ووحدتين لمعالجة الغاز، ووحدات لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي ونزع ثاني أوكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين، وشبكة خطوط أنابيب بطول 638 كيلومترًا وقطر 36 بوصة، من أجل ربط هذه المرافق بشبكة خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي القائمة حاليًا بالقرب من معامل بقيق. كما شمل المشروع تحسينًا رئيسًا يهدف إلى زيادة قدرة توليد الكهرباء إلى أكثر من 1 جيجاواط عن طريق تركيب أربع وحدات للتوليد المشترك، وسبع وحدات أحادية الدورة، وتمديد خط لنقل الكهرباء بجهد 230 كيلو فولت وبطول 50 كيلومترًا، إضافة إلى ما يرتبط بذلك من منافع كهربائية وغير كهربائية. ولا شك في أن هذا المشروع سيكون له دور عظيم في تلبية الطلب المتنامي على اللقيم البتروكيميائي ويفتح آفاقًا جديدة لنمو الصناعات البتروكيميائية في المملكة العربية السعودية.