مها محمد الشريف
لا يمكن للفكر العقلاني أن ينكر أن الحج شعيرة وركن من أركان الإسلام الخمسة، ولكن في حالة الأحداث والواقع المحتدم وتناقضات المعطيات السياسية في إيران وقطر سنرفع شعار هذا العام «الحج رسالة سلام»، وندرك من أي آفاق يستمد هذا البلد أصوله، ويسعى إلى إضفاء رائع مدفوعا حتى آخر الزمان نستشعر من خلاله المسؤولية، حيث دشّن مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، يوم الاثنين الماضي، في ديوان الإمارة بالعاصمة المقدسة حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» في موسمها العاشر والشعار الذي أشرنا إليه.
ضمن هذه الاستعدادات والبناء المتجدد كل عام. تنقل وسائل الإعلام للعالم المشهد العظيم عن ثقافة الإسلام وجهود المملكة التي تحمل مفتاحاً لكل الأبواب. دولة بالغة التفرد في استعداداتها وقدراتها الضخمة لاستقبال الملايين من حجاج بيت الله الحرام، ولن يغيب هذا الحدث المهم عن كل مسلم.
حتى يشاهد العالم حجم الخدمات والجهود الضخمة المبذولة، والنجاحات المذهلة التي حققتها المملكة، ينبغي على الإعلام تكثيف الجهود لنقل الصور المباشرة بكل تفاصيلها وبأعلى تقنية حديثة للعالم لئلا يغيب عنهم دور المملكة المكتمل جانبه التطبيقي -نقل يحترم العقل وقوانينه المنطقية- ويحقق الغايات التي تقضي على المتناقضات والضجيج القطري الفاشل.
فهذا التفوق لا أحد يستطيع مجاوزته، وذلك بالضبط ما تدركه الأمم منذ ظهور الإسلام، أن أهل هذه الأرض المقدسة تقوم على خدمة الحجيج بكل ما تملك وكتب التاريخ تشهد. من يدري، قد تكون أزمة قطر قد كشفت مجداً مستقبليّاً كما نريده ويريده العالم العربي والإسلامي خاليًا من الخيانات والمؤامرات الرخيصة. هكذا تنهض الأمم على صعيد الوقائع وتستفيض قدرة على إدراك ما يُحاك ضدها.
ما أوقع سياسة الدوحة في غمرة المنعطفات التاريخية والظهور في المشهد الجديد الذي أنكره عليهم العالم وجميع المسلمين، عندما رفعت شكوى للأمم المتحدة تطالب بتدويل الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية، وعلى المنوال نفسه ما زالت قطر تحرض موظفي إعلامها المنحدرين من جنسيات مختلفة على المغالطة لأحداث تحرير الكويت اسماً وموضوعاً والاشتغال على ممارسات مبهمة في عمقها صراع وفي ظاهرها صدام مبيت هدم البناء السياسي الشامل بينها وبين دول الخليج ومصر، ولكن سيظل هذا النظام أينما حل وارتحل بأنه مخالف للأعراف الدولية وإن تغيرت سياسته.
ومن بين الأخبار والمقالات التي كتبتها الصحف عن الحج، يظل التساؤل الأكثر إثارة ومنطقية لماذا أوقفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية التسجيل للحج لهذا العام 2017، ومنع المواطنين والمقيمين في قطر من التقديم إلكترونياً لأداء فريضة الحج؟، في الوقت الذي رحبت فيه المملكة بالحجاج القطريين، على الرغم من الوضع السياسي المضطرب.
لربما يصعب تلخيص الإجابة من قطر بسبب انشغال الشعب القطري بالتواقيع على اللوحات الجدارية الدائمة الحركة عبر المباني والمؤسسات والعربات في الشوارع، وهذا دليل على شغف الحكومة بترسيخ صور حاكم قطر في أذهان الأجانب والمجنسين، دون أن يعبأ صاحب هذه المشورة أن الأشياء التي نراها تمشي أمامنا اليوم، غدا تنتهي إلى ذكرى وتنتهي معها الأسباب والنتائج.