جاسر عبدالعزيز الجاسر
أعيد تحريك الوساطات بين الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب «المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين» وبين دولة قطر التي كشفت الأيام الماضية وبعد دخول الشهر الثالث لمقاطعتها من الدول الأربع أنها مارست أعمالاً تنوعت بين دعم الإرهاب مالياً وسياسياً وإعلامياً، وعملت بكثافة للإضرار بالعديد من القضايا العربية من خلال تعاملها مع أعداء العرب من الكيان الإسرائيلي ونظام ملالي إيران والجماعات والمليشيات الإرهابية من كلا التوجهات والطوائف.
الوساطة الكويتية أعيد تنشيطها وبدورها تحركت الولايات المتحدة الأمريكية وأرسلت اثنين من أهم رجالاتها الذين يحظون باحترام وتقدير في المنطقة العربية، وبالذات في دول الخليج العربية وبالذات جنرال المارينز انطوان زيني صاحب الأصول العربية الذي عمل في المنطقة العربية من خلال قيادته للقوات الأمريكية، وقد نشطت دولة الكويت ووساطة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل قادة الدول الأربع وشعوبها، وقد بعث الشيخ صباح الأحمد برجل الدبلوماسية الدمث الشيخ صباح الخالد الصباح وهو رجل لا تغيب الابتسامة عن محياه وبصحبة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح إلى المملكة العربية السعودية وإلى مصر، وحملهما رسالتين لخادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري، والرسالتان لا بد أنهما احتوتا على أشياء جديدة قد تساعد الوساطة الكويتية على إنجاز مهمتهما، كما أن التحرك الأمريكي الذي يقوده هذه المرة مساعد نائب وزير الخارجية الأمريكية وهو دبلوماسي محترف لا يخلط الدبلوماسية بالمصالح التي تخدم الشركات الأمريكية التي تعمل في مجالات استخراج وتصنيع الغاز كوزيره، ويعزز تحركه الجنرال زيني المعروف بجديته وأيضاً علاقاته الطيبة بقادة دول المنطقة.
إذن التحرك فعال وجاد وهو لا أحد يقلل من تأثيراته، ولكن المسألة ليست في فعالية وصدق ونوعية الوساطة الكويتية ولا التحرك الأمريكي ولا في حرص الدول الداعمة لجهود مكافحة الإرهاب التي لها تاريخ مجيد وعمل متواصل لخدمة القضايا العربية، إلا أن المعضلة الكبيرة فيما كشف عن أعمال من يحكم قطر الآن الذين ارتكبوا من الأعمال التي تعد آثاما كبارا ولا يمكن تجاوزها، فضلاً عن إصلاحها حتى وإن فرضت على قطر تعويضات عن ما أحدثته أعمالها من أضرار وضحايا بالآلاف وبالذات في ليبيا ومصر والبحرين، وإذا كانت جريمة التآمر على المملكة العربية السعودية والاشتراك مع معمر القذافي والتخطيط لاغتيال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أدت إلى تنحية ما يسمى بالأمير الوالد حمد بن خليفة ووزير خارجيته قرين الشر حمد بن جاسم، فإن الأحداث وتحليل ما يحدث في قطر الآن ومنذ إجبار حمد بن خليفة على ترك الحكم قد أوجد حالة فريدة في قطر، إذ إن الأمير الوالد يمارس دوراً هو نفس دور الولي الفقيه المطبق من حليفهم في إيران، فحمد بن خليفة يمارس هيمنته على ولده تميم من خلال وظيفته غير المعلنة كمرشد للإمارة فهو في الحقيقة الأمير المرشد، وليس فقط الأمير الوالد، وأمام هذه المعضلة لا يثق قادة وشعوب الدول الأربع بمن تؤول إليه الأمور في قطر، سواء من حكامها الحاليين أو السابقين بعد أن تم الكشف عن كمٍّ هائل من الأعمال الشريرة والسوداء التي تجعل كل مسؤول من هذه الدول الأربع ودول عربية أخرى ينأون بأنفسهم ويتعففون عن الالتقاء أو الجلوس مع هؤلاء الذين فعلوا كل تلك الأفعال الشريرة التي تم الكشف عنها، وهذا ما يجعل كل الوساطات مهام صعبة وصعبة جداً، رغم صدق وحماس ونظافة من يقومون بالوساطة.