فهد بن جليد
عام 2010م كتبتُ فكرة إعلان مهرجان تمور بريدة (النفط القادم)، وهو الإعلان الذي أحدث ضجة محلية وعربية واسعة في تلك السنة، بعد عرضه على كبريات الفضائيات العربية ليُعلِّق عليه لاحقاً كثير من النقاد والصحف الأجنبية، لامتزاجه بالخيال الصامت في تفخيم ثروة التمور السعودية من خلال شاب يملأ سيارته بالوقود من إحدى المحطات، ويتفاجأ هو وعامل المحطة بأنَّ محفظته خالية من النقود، ولكنه سرعان ما يتناول في صمت عدد من التمرات ليضعها في يد العامل الذي ابتسم برضاء تام، في دلالة على أنَّ حبات من تمر السكري تعادل قيمة النقود لملء خزان السيارة بالبنزين (في عام 1859م اُكتشف النفط، إلا أنَّ الزراعة تُعد أول اكتشافات الإنسان على الأرض، بريدة اقتربت أكثر من منابع الثروة، مهرجان التمور النفط القادم).
ليس من حقي الإفصاح عن قيمة عقد الإعلان -الذي كلف نصف ما يتقاضاه عادة- الأخوة عرب الشمال المُسيطرين على سوق الإعلانات لدينا وأفكاره، حتى أن إحدى الشركات قدمت لي حينها عرضاً للانضمام إليهم، في محاولة لمنع السعوديين من الدخول في هذا المجال المُربح مادياً، أو التأثير على الأسعار التي ينتجون بها الإعلانات التجارية السعودية، معتمدين فيها على العنصر الأجنبي في الكتابة والتصوير وأبطال القصة الإعلانية، بينما نحن في تجربتنا تلك اعتمدنا على الشباب السعودي في كل شيء، التصوير والإخراج والتعليق وحبك القصة والمونتاج، ونجحنا في تحديد الهدف ورسم الطريق للوصول إليه -تلك هي قصة إعلان النفط القادم- أو ما يُسمح لي بقوله عنها في هذه الفترة على الأقل.
ما دعاني لتذكر القصة هو غياب وجود إستراتيجية وطنية موَّحدة للترويج لمهرجانات التمور، مع ضعف الإعلانات المُتفرقة لمهرجاناتنا، التي لا تلتزم خطاً واضحاً في الفلسفة الإعلانية من ناحية البناء للتكرار والوصول والانتشار، وهي قضية مُهمة أرجو أن يعيها القائمون على هذه المهرجانات الوطنية، التي لو أحسنَّا الاستفادة منها فسنخوض تجربة رائدة ورائعة في دعم الشباب السعودي وتطوير المُنتج الزراعي أكثر وأكثر، فـ(مليارية المبيعات والصفقات) الحالية، لا تعني بالضرورة ضمان استمرارية النجاح في كل موسم بالرُّكون لتلك التجارب المُتفرقة مع عدم وجود أفكار جديدة ونحن نملك رؤية وطنية داعمة لهذا التوجه، لا سيما وأنَّ زمام السبق والريادة في المنطقة بأيدينا.
إعلانات مهرجانات التمور في بعض البلدان المُجاورة بدأت تتفوق علينا، وترسم لها خطاً واضحاً يعتمد على ربط الأجيال بهذه المواسم التي بدأت من عندنا، ويجب أن تبقى في بلادنا -حرسها الله- تحقيقاً لرؤيتنا الوطنية الطموحة.
وعلى دروب الخير نلتقي.