هاني سالم مسهور
قد تعتبر صفقة انتقال اللاعب البرازيلي نيمار صفقة التاريخ في كرة القدم فلقد بلغت الصفقة 222 مليون يورو، أي ما يقارب مليار دولار تقريباً، وحتى يتم تبسيط الرقم الهائل فإن هذه الصفقة تطعم أكثر من خمسة ملايين طفل في العالم خلال عام واحد، حجم الصفقة الضخم ليس مفاجئاً عندما يرتبط الأمر بدولة قطر التي تستثمر ملايين الدولارات في كرة القدم الأوروبية والعالمية وتمتلك حقوق النقل التلفزيوني لمعظم دوريات العالم، وهذا حق لها لطالما التزمت بالقوانين والضوابط لكن عند صفقة نيمار هل التزمت قطر بالقوانين أم أنها مررت الصفقة لأغراض سياسية مثلاً؟.
منذ الخامس من يونيو 2017م تعيش قطر وضعاً خانقاً بعد قرار (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) قطع العلاقات مع الدوحة بعد مماطلة القطريين تنفيذ اتفاقي الرياض 2013م و2014م، لم تستطع قطر الخروج من دائرة الاتهامات ووجدت نفسها في قفص ازداد صعوبة مع عدم قدرتها في تدويل قضية المقاطعة، كل أذرعها الإعلامية لم تستطع إيجاد ثغرة للخروج من المأزق، ما زالت قطر لا تستطيع تنفيذ المطالب الثلاثة عشر، وما زالت تراهن على سياسة الهروب إلى الأمام.
نشرت الغارديان البريطانية، تقريراً تنتقد فيه الصفقة القطرية، وتأثيراتها السلبية على مستقبل الكرة في قطر والتي أفسدت سوق الانتقالات في أوروبا، مدرب ليفربول الألماني يورغن كلوب انتقد الصفقة القطرية بشراء لاعب برشلونة نيمار مقابل 222 مليون يورو، قائلاً: «لقد وُجدت ضوابط اللعب المالي النظيف، حتى لا تحصل صفقة كهذه اليوم، وأنا أتساءل أين هو هذا اللعب النظيف مع ما يحصل»، صفقة انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان ضربة من قطر إلى نادي برشلونة الإسباني، وذلك للانتقام من رفض برشلونة تجديد التعاقد مع الخطوط الجوية القطرية، وهذا جزء من تداخل عميق للرياضة والسياسة وكيف تحولت الملاعب لساحات تصفية حرب لم تكن لتحدث لولا أموال الغاز القطرية المتطايرة.
جانب لا يجب أن يغيب في هذا السياق فقبل أربع وعشرين ساعة من صفقة نيمار كانت قطر قد أبرمت صفقة خيالية مع الإيطاليين لشراء قوارب بحرية عسكرية بقيمة خمسة مليار دولار، صفقة أخرى أحدثت ضجيجاً في عالم صفقات السلاح، هذا الصخب المتوالي التي تفعله قطر ممارسة فعلية لسياسة الهروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة مطالب الرباعية العربية التي إن استجابت لها حكومة قطر لقامت بتوفير هذه الأموال المهدرة، فليس من مبرر أن تهرب قطر من اتهامات تمويل الإرهاب إلى تمويل مبالغ فيه الرياضة، فما تفعله هو إفساد للعب النظيف والعدالة الرياضية، فمن المنطق أن لكل فريق رياضي طموحات في المنافسة لكن تبقى الرياضة مجالاً لمنافسة عادلة وليست مجالاً للاستهلاك السياسي.
كريستوف كاستانير المتحدث باسم حكومة فرنسا قال: «حكومة قطر تحاول اللعب واستغلال الأحداث الرياضية لدعم حضورها ونفوذها على الساحة الدبلوماسية»، هذا تأكيد من جهة فرنسا على أن القطريين يحاولون فقط الهرب من الاستحقاقات السياسية، تسييس الرياضة ليس عملاً أخلاقياً كذلك تسييس الحج، كل ما تفعله قطر لن يعفيها من الوصول إلى الرياض ، فلا يوجد حل في هذا العالم إلا في الرياض، متى تمتلك القيادة القطرية الشجاعة اللازمة وتأتي إلى الرياض سيبقى هذا التساؤل مطروحاً أمام حكام قطر.