«الجزيرة» - عبدالله الفهيد:
في سعيها لتطوير وتأهيل البنية التحتية للمتنزهات الوطنية، وتشجيع الاستثمار المستدام فيها، تعمل منظومة البيئة والمياه والزراعة حالياً على مبادرة خاصة تحت مسمى «تأهيل وتطوير المنتزهات الوطنية والمراعي والغابات واستثمارها وإدارتها المستدامة ومكافحة التصحر» تتضمن عدة محاور من أهمها تأسيس شركة حكومية تعنى بهذا النشاط الحيوي للمرة الأولى على مستوى المملكة.
ووفق مسؤولي المنظومة، تستهدف المبادرة الجديدة، التي تأتي ضمن مبادرات برنامج التحول الوطني 2020، زيادة عدد المتنزهات الوطنية من 5 إلى 24 متنزهاً في مناطق المملكة، تمتد على مساحة تتراوح من 8,8 إلى 51,000 هكتار، مع إيصال الخدمات الأساسية؛ مثل: المياه، الطرق، الكهرباء، وذلك بغرض رفع زوار تلك المتنزهات من 3,5 إلى 5,6 مليون زائر سنوياً، وجذب القطاع الخاص والمستثمرين الخارجيين للاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
وأوضح المهندس عبدالله القرني نائب مدير عام إدارة الموارد الطبيعية بوزارة البيئة والمياه والزراعة، أن الشركة الجديدة ستعمل على تطوير وصيانة البنية التحتية الأساسية لنحو 19 متنزهاً وطنياً من أصل 24، على أن يضاف إليها متنزهات أخرى لاحقاً، كما ستعمل الشركة على إيجاد بيئة جاذبة للسياحة الداخلية، وتوليد فرص العمل للشباب السعودي في المناطق النائية، واستثمار المواقع في المنتزهات وجعلها مورداً مالياً متدفقاً.
وفي مرحلتها الأولى، ستركز الشركة على تحديد المواقع الاستثمارية للتأجير وإيجاد المستثمرين، وتطوير وتشغيل وصيانة المنتزهات، على أن يقدم القطاع الخاص بعض الخدمات والأنشطة المختلفة للمنتزهات. وينتظر من هذه مبادرة «تأهيل وتطوير المنتزهات الوطنية والمراعي والغابات واستثمارها وإدارتها المستدامة ومكافحة التصحر» توفير المزيد من مواقع التنزه المدعمة بخدمات الترفيه المتميزة، وإيجاد بيئة طبيعية ومناخية جاذبة للمرتادين من سياحٍ وزوار، وبالتالي الإسهام في زيادة الدخل والرخاء المعيشي للسكان المحليين، وتعزيز جهود الدولة الرامية للتعريف بتاريخ وتراث وثقافة كل منطقة من مناطق المملكة.
من الناحية الاقتصادية، من المأمول أن تولد المبادرة إيرادات للحكومة من خلال تطوير وتشغيل المتنزهات الوطنية، تنمية المنطقة أو المدينة التي يوجد بها المتنزه، ودعم وتنمية السياحة الداخلية وتوليد ما يقارب 130 مليون ريال سنويا للقطاع الخاص، وتوليد الوظائف في القرى والمناطق المختلفة من المملكة، حيث يقدر عدد الوظائف التي يمكن أن تحدثها المبادرة 1,890 وظيفة، مما يحد من هجرة السكان إلى المدن، كما ستساعد المبادرة على ترويج وتسويق للمنتجات المحلية، والمساهمة في زيادة الاستثمار وتنوع مصادر الدخل الوطني.
بيئياً، ستشجع المبادرة على المحافظة على الغطاء النباتي والتنوع الحيوي ودعم جهود مكافحة التصحر في المملكة من خلال حماية الأصول الوراثية، والحد من التلوث والتدهور البيئي، الأمر الذي سيكون له أثر إيجابي في ازدهار الغطاء النباتي والحرجي بشكلٍ عام.
وبين المهندس القرني أن المبادرة سيكون لها أثرٌ هامٌ على التمويل الحكومي، حيث ستخفض هذه المبادرة الاعتماد على الدولة في إنشاء وتشغيل المتنزهات الوطنية، كما ستوفر إيراداتٍ جيدة بتأجير المواقع الواقعة على الخطوط الرئيسية، وكذلك من رسوم الدخول.
وأشار المهندس القرني إلى أن الدراسات المسحية كشفت أن عدد المتنزهات القائمة والمشغلة حالياً يبلغ خمسة فقط، في حين يوجد 19 موقعاً مناسباً لمنتزهات وطنية هي بحاجة لإعادة تأهيل وصيانة. وقد تبين أن سبعة منها تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية (من المياه والكهرباء والطرق)، وأنها بحاجة لتكاليف رأسمالية أخرى (مثل الأسوار ودورات مياه)، ما يعني أن الفرصة متاحة للقطاع الخاص للاستثمار على الشريط التجاري لنحو 17 منتزهاً في الوقت الحالي.
ويعد برنامج التحول الوطني 2020 أولى الخطوات نحو تجسيد رؤية المملكة 2030 باعتبارها منهجاً وخارطة للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وهو يرسم التوجهات والسياسات العامة والمستهدفات والالتزامات الخاصة بها لتكون نموذجاً رائداً على كافة المستويات.
وتأتي مبادرات منظومة البيئة والمياه والزراعة الجديدة في سياق المرحلة الأولى من برنامج التحول التي يجري تنفيذها حالياً بالشراكة بين مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية و18 جهة حكومية وتتضمن 755 مبادرة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، والتي ينتظر أن تسهم في تحول المملكة الرقمي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوليد الو ظائف، وتعظيم المحتوى المحلي.