عبده الأسمري
وجه من وجوه الإفتاء.. ورمز من رموز العلم الشرعي.... وخبير حوار.. وسفير عطاء ديني.. إنه العالم والفقيه المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الدكتور عبد الله المطلق، صاحب السيرة العريضة في العمل الدعوي والفقهي أحد أبرز العلماء وأمهر الفقهاء.
بوجه مبتسم ومحيا باسم وكاريزما تحمل الجد حين الحكم الشرعي، والود حيث الاجتهاد الفقهي وعينان تعكسان إنصات العالم وسمات المتحدث، تتحركان خلف نظارة تتفحص استفسارات السائلين وتمحص أمهات الكتب، وملامح مألوفة مرحة تطغى عليها نظرات التعجب وسكنات التواضع وسمات المعرفة، وصوت جهوري تظهر فيه نبرات علمية أثناء المحاضرات وعبرات إنسانية ولغة عاطرة بالمرح ولهجة عاطرة بالاختصار، يطل المطلق في الفضائيات ووسط المناسبات قامة سطرت النجاح والكفاح على منابر الدعوة، وطاولات القرار وكراسي المسؤولية، وفي محافل النقاش ومواقع العلم ومنابع الوعظ.
في الأفلاج التي ارتبط بها الشيخ المطلق طفلاً، كان يتردد على جوامع قريته مستمعاً للعلماء ناهلاً من وصايا والديه وعطايا أُسرته، دوافع نحو آفاق وأبعاد ودروب كان يسجلها الشيخ في مذكراته منذ أن كان صغيراً مولعاً بالعلماء، متوشحاً برداء تربية أصيلة كانت تشكل فصول خير وعبق أمانة، قادته للتفوق وملاحقة المراكز الأولى منذ بداياته حتى نال العلا اسماً وصفة.. إنتاجاً ونتيجة.
كان المطلق يستمع للإذاعة منبهراً من الدروس الدينية واللقاءات الشرعية التي كانت تملأ جنبات منزلة، ويرتكن إليها في ساعات فراغه من استذكاره، لذا كبر وكبرت معه تلك المغانم الفقهية، واضعاً منها سر الامتياز وجهر الاعتزاز حتى طارح الظروف وصارح الأمنيات، بروح حوّلت العلم إلى سلوك إنسان والفقه إلى أسلوب بيان.
جال المطلق بين كتاتيب نجد باحثاً في مكتباتها العتيقة عن عمق الفقه وأعماق الشريعة، فدرس وجدّ وتفوّق، حيث تخرج من كلية الشريعة بالرياض، وواصل دراساته العليا حتى نال الدكتوراه عام 1404 هـ من قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. فعمل في بداياته باحثاً بوزارة العدل، ثم محاضراً في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالرياض، ثم وكيلاً للمعهد العالي للقضاء، ثم رئيساً لقسم الدعوة والاحتساب بكلية الدعوة والإعلام، ثم رئيساً للفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، ثم عضواً في اللجنة الدائمة للإفتاء، وعضواً بهيئة كبار العلماء ومستشاراً في الديوان الملكي ورئيس مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
الشيخ المطلق من أبرز الوجوه الفضائية، وارتبط حضوره بجمال الأسلوب ومرح النقاش وبهجة الحوار، وله سلسلة من الدروس في الفقه أذيعت في إذاعة القرآن الكريم، مثل الفقه الميسّر والذي استمر لـ 200 حلقة وأيضاً فقه الأسرة. وله أيضاً درس أسبوعي يذاع في إذاعة القرآن الكريم وهو شرح مختصر صحيح الإمام مسلم للمنذري. للشيخ محاضرات كثيرة في جميع مناطق المملكة. وله بعض البرامج في التلفزيون السعودي وبعض القنوات الفضائية مثل اقرأ وغيرها، وله العديد من المؤلفات ومنها التحقيق في جرائم الأعراض وشهادة المرأة في القضاء وبيع المزاد وعقد التوريد وحسن الخاتمة وفقه السنّة الميسر، والمنح الشافيات في مفردات الإمام أحمد، وزاد المريض والصكوك، وشارك في تأليف كتاب الفقه الميسّر وتحقيق كتاب الترجل.
للشيخ عضويات متعددة ومشاركات دولية ومحلية عدة كان فيها نجماً وعلماً، شارك فيها بالثراء الديني والإثراء المعرفي.
وله إنجازات متعددة سطّرها في كل محفل عطاء أو احتفال نماء للوطن، كان فيها مسئولاً وقيادياً وعالماً وفقيهاً ومستشاراً.
الشيخ المطلق يمتلك شعبية في قلوب الآخرين، رسخها بمنهجيته البسيطة ونهجه المبسط في التعامل مع الفتاوى بلغة ميسرة وطرق مختصرة، جعلته منبعاً إنسانياً فريداً للتواصل والوصال في المسألة الفقهية والمعنى الديني والقضايا الجدلية..
عقود من الإنجاز رسم حدودها المطلق بخطوط عريضة من الثبات العلمي والإثبات الشرعي، وكتب فصولها وفق شخصيته المعتدلة وطريقته الخاصة التي جعلته وجهة شرعية مفضلة واتجاهاً إنسانياً فريداً.
في سيرته وأعماله شكّل اتفاقاً وتوافقاً مع علمه الذي استسقاه من موارده المعرفية وأشبعه بحثاً ونقاشاً فسار في درب متواز مع العلم الشرعي، مرتكزاً على أسس مستوحاة من السيرة النبوية أساسها الحكمة ومراسها الموعظة الحسنة بعناوين الوسطية وتفاصيل الاعتدال.