عماد المديفر
صناعة السياحة والسفر أضحت من أهم وأكبر الصناعات في العالم اليوم، ودائماً ما نردد نحن المختصون في الدبلوماسية العامة السعودية "الدبلوماسية الشعبية" أن السياح الأجانب بأنواعهم هم أفضل من يُكوِّن التصورات والرأي العام الشعبي في كافة دول العالم عن المملكة وأهلها، أكثر من أي شيء آخر.. على اختلاف أهدافهم.. سواء من أتوا لغرض ديني أو ثقافي وتاريخي أو ترفيهي أو للاستجمام.. أو لها جميعها أو بعضها. وكنت دائماً ما أردد بأننا مقصرون في حق وطننا وجمالياته وتنوعه الطبيعي وغناه الثقافي وتسامحه الديني وحضاراته الضاربة جذورها في أعماق التاريخ البشري.. خصوصاً في ظل الهجمات الدعائية الشرسة المسيئة إلينا وإلى ديننا وعقيدتنا وهويتنا وحضارتنا العربية الأصيلة.. وأن "السياحة" في السعودية لوحدها كنز غني ليس له مثيل في العالم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. وأنها أحد أبرز مصادر قوانا الناعمة المهملة للأسف وغير المستغلة.. بالإضافة إلى أن "السياحة" لوحدها ثورة وطنية اقتصادية هائلة تقوم على مداخيلها اقتصاديات دول بحالها..بته: "ستتاح قريباً بعد أن يتم الانتهاء من جميع المسائل التنظيمية التي تتعلق بتقديم خدمات سياحية راقية وعلى مستوى يليق بسمعة ومكانة المملكة.. وتتيح للسائح قضاء تجربة فريدة وغنية سياحياً وتراثياً وثقافياً.. أنت تعلم سيد "باول" لدينا العديد من الأماكن الأثرية التاريخية بخلاف السواحل الجميلة والصافية.. هذا بالإضافة إلى التنوع المناخي في المملكة".. قال زميلنا الصيني مستغرباً: "تنوع مناخي؟.. أليست المملكة حارّة طوال العام؟" قلت له: "لا.. المملكة بلد كبير مترامي الأطراف ومتنوع التضاريس.. ليست بحجم الصين بالتأكيد.. لكنها أكبر بتسعة أضعاف حجم بريطانيا مثلاَ.. فبالإضافة إلى المناطق الساحلية الشاسعة الدافئة والرطبة فإن مناطق عدة في شمال غرب المملكة مثلاً تتساقط عليها الثلوج في فصل الشتاء.. أما في الصيف فدرجات الحرارة في المناطق الجنوبية الغربية للمملكة مثالية جدا.. لا تزيد عن 15 درجة مئوية كما في مرتفعات السودة في عسير مثلاً.. أما وسط المملكة حيث منطقتي فهي ذات مناخ صحراوي حار جاف صيفا وبارد جاف شتاءاً.. قد تصل درجات الحرارة فيها إلى الخمسين في الصيف وما دون الصفر في الشتاء.. أما في شمال المملكة فتسجل خمسة وستة درجات تحت الصفر.."، كان هذا الكلام مفاجئاً لزميلنا الصيني فيما قال السيد "جيمس": "نعم.. سبق ورأيت صورة لجمل في إحدى صحاري المملكة وقد كساه الثلج.. أعتقد في تبوك"، ثم استطرد رجل الأعمال الأمريكي المقيم في الصين: "بالمناسبة.. لديكم أمير يقوم بعمل مميز.. بلادكم تتطور بسرعة.. فقد سمعت وقرأت عن رؤية المملكة 2030.. ومن ضمن ما لفت انتباهي أنكم تسعون لإدراج أسهم عملاق النفط أرامكو في السوق الدولية.. هذا الرجل عبقري جداً.. ذو عقلية اقتصادية وتجارية جبارة.. يأخذ "الكاش" في الحال ليستثمره في كل شيء يدر المال.. وفي كل مكان.. في البنى التحتية.. في التجارة.. في السياحة.. في الصناعة.. وفي كل مكان من العالم"..! قلت له: "نحن نتطور لكن على أساس صلب ومتين.. والتطور منبعه من الداخل.. من تراثنا وثقافتنا وحضارتنا.. مع الاستفادة من تجارب ونجاحات الآخرين".. ثم أريتهم مجموعة من الصور عن الحرم والكعبة المشرفة وعن بعض المناطق الأثرية والتراثية والرقصات الشعبية في المملكة.. قال لي الأسترالي: "أنتم بالنسبة لنا عالم غير مكتشف بسبب انغلاقكم عن السياحة.. أعتقد أن السياح في العالم متلهفون لاكتشاف الممكة".
بعد أن تم الإعلان عن مشروع البحر الأحمر الجبار والمميز أرسلت فوراً روابط فيديو عن المشروع لجوالات أصدقائي الذين تعرفت عليهم مؤخراً.. كانوا جميعاً مبهورين.. وأبدوا رغبتهم في زيارة البحر الأحمر والتعرف على كنوزه وكنوز المملكة وثقافتها وحضاراتها هم وعائلاتهم فور افتتاح المشروع.. وأكثر ما أسعدهم وفاجأهم وشجعهم هو موضوع التأشيرات السياحية المفتوحة المتاحة من المطار، والتنظيم المدني الخاص الذي يتمتع به مشروع البحر الأحمر والمتوافق مع المعايير الدولية المتعارف عليها في المناطق السياحية العالمية التي بدونها لربما لن يتمكنوا من زيارة المملكة..
.. إلى اللقاء.