«الجزيرة» - محمد الغشام:
أشار معالي الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر إلى أهمية الجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتأسيس تحالفات عالمية لمكافحة التطرف والإرهاب، نتج منها تأسيس المركز العالمي لمكافحة التطرف ومركز الحرب الفكرية ودعم برامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
وأكد ابن معمر أن القيادات والمؤسسات الدينية يمتلكون قوة هائلة للوصول إلى حلول حقيقية لاستدامة السلام والتسامح والاعتدال وتعزيز التعايش. مشيرًا إلى أهمية ذلك في مساندة الجهود الفكرية والأمنية والعسكرية. وشدد على أن جهود العالم في مكافحة التطرف والإرهاب وعدم التنسيق بينها أعطى وقودًا للمتطرفين باسم الدين وباسم السياسة لإشعال الصدام والصراع في مناطق متعددة من العالم. جاء ذلك خلال مشاركة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في القمة الدولية الثلاثين للأديان التي عُقدت بمدينة كيوتو اليابانية في يومَْي 3-4 أغسطس الجاري تحت عنوان «الاجتماع العالمي للحوار بين أتباع الأديان من أجل السلام»؛ إذ ألقى الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر كلمة في هذه القمة بعنوان «دور القيادات والمؤسسات الدينية في مساندة صانعي السياسات لمكافحة التطرف والإرهاب».
موضحًا أن الحوار والتفاهم هما الميدان المناسب لبناء جسور من المعرفة والثقة بين أتباع الأديان والثقافات لمساندة جهود مكافحة التطرف والكراهية؛ فالحوار يساعدنا على تطوير أدوات التفاهم وبناء الثقة في بعضنا، والتفاهم يساهم مساهمة فعّالة في تعميق المعرفة ومكافحة الجهل والتطرف والكراهية. كما شدد على ضرورة دعم الأفراد والمؤسسات والقيادات الدينية للمساهمة في جهود التصدي للتطرف والكراهية؛ إذ رأى أنه بإمكان الأفراد والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني دعم صانعي السياسات لبناء مشاريع مستدامة عبر الحوار لبناء السلام والتعايش ومكافحة التطرف والكراهية.
وأوضح ابن معمر في كلمته أن جميع تعاليم الأديان مبنية على الرحمة والتسامح واحترام الآخر؛ إذ تهدف إلى من وراء ذلك رسائل الأديان لتعزيز السلام والتعايش للجميع. موضحًا ما يمكن أن يقوم به الحوار للحد من التطرف والإرهاب، ومؤكدًا بالقول: «نحن بحاجة إلى حلول مستدامة وشاملة».
وأشار ابن معمر إلى أن المركز استطاع تسخير أدوات الحوار ووسائله وتهيئة مشاركة المعنيين بالشأن الديني من أفراد ومؤسسات للمساهمة في إنتاج خطة عالمية، تم إطلاقها من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة في الشهر الماضي بنيويورك. وهذا الإنجاز العالمي يحسب لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والشركاء من مجلس الكنائس العالمي، والشبكة العالمية للأديان وصانعي السلام في هذه الخطة العالمية؛ إذ إنه لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة تستعين هذه المنظمة الدولية بمؤسسات وقيادات دينية للمساهمة في بناء خطة دولية، ترعاها المنظمة الدولية مع الدول الأعضاء. وهذا الإنجاز العالمي يحسب لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والشركاء في هذا الإنجاز.
وقد شارك في الخطة أكثر من 230 من الأفراد والمؤسسات الدينية من أكثر من 70 بلدًا. وتجمع الخطة بين الأفراد والقيادات الدينية والمؤسسات وصناع القرار السياسي لمكافحة التطرف والكراهية عبر مسارات متنوعة. وإنه من خلال النقاشات التي تمت في الاجتماعات الماضية اتضح أن الأفراد والمؤسسات الدينية والقيادات الدينية لا يستطيعون وحدهم منع التحريض ومكافحة العنف؛ فهم في حاجة إلى تعاون الإعلام وإتاحة الفرصة لهم لمساندة صناع القرار السياسي والأنظمة القانونية والمؤسسات المختصة بالتنمية. ومن خلال هذه الرؤية اتفق الجميع على أن استغلال التعاليم الدينية للتحريض على العنف والكراهية وارتكاب أعمال الإبادة تعتبر جرائم عالمية. وشدد ابن معمر على أهمية إشراك المؤسسات الدينية والقيادات الدينية في الحوار حول القضايا العالمية لمساندة صناع القرار السياسي لإيجاد حلول مستدامة لما تواجه المجتمعات الإنسانية من الصراعات وعنف وكراهية.
وقدم معاليه في كلمته عرضًا لأنشطة مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات باعتباره منظمة دولية، تأسست بمبادرة من المملكة العربية السعودية عام 2012م، بمشاركة جمهورية النمسا، ومملكة إسبانيا، إضافة للفاتيكان كعضو مؤسس مراقب، ومجلس إدارة من تسع قيادات دينية تمثل الديانات والثقافات الرئيسة في العالم. وأشار إلى أن المركز أولى اهتمامًا خاصًّا للعمل في مجال تحقيق السلام والتعايش من خلال الحوار بين أتباع الأديان المتنوعة في المناطق التي تشهد صراعات بسبب التنوع الديني، يساء فيها استخدام الدين؛ إذ نظم المركز، بالشراكة مع الهيئات المحلية المهتمة بالحوار والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، عددًا من الفعاليات في إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط. كما نفذ المركز مبادرة عالمية «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» لتعزيز دور القيادات الدينية في المحافظة على التنوع الديني وتحقيق السلام تحت مظلة المواطنة المشتركة.
وأوضح ابن معمر أن المركز أنشأ منصات حوارية للمؤسسات والقيادات الدينية للمساهمة في دعم مصالحات السلام والتعايش بين أتباع الأديان والثقافات, كما أن المركز يقوم بتدريب نشطاء للمساهمة في مكافحة الكراهية والعنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
كما بيَّن أن المركز يخطط لعقد مؤتمر رفيع المستوى في العام القادم 2018 بهدف إطلاق أول شبكة لأتباع الأديان والثقافات في العالم العربي لتعزيز الروابط الإنسانية المشتركة. وذكر أن تلك الشبكة ستكون المنصة الحوارية الأولى من نوعها في العالم العربي بين المسلمين والمسيحيين، مشددًا على أن جميع هذه البرامج والمشاريع هدفها ترسيخ التعايش وبناء السلام وتعزيز المواطنة المشتركة؛ ما يحقق الأمن والاستقرار لمختلف الأمم والشعوب في العالم.
واختتم ابن معمر كلمته بالتنويه بدور الأفراد والمؤسسات الدينية والقيادات الدينية لمساندة صناع القرار السياسي في العالم لمكافحة التطرف والإرهاب، وترسيخ السلام والتعايش بين البشر، التي كان لها دور عظيم في التغيرات الاجتماعية الكبيرة في التاريخ. ففي الماضي تغلبوا على العقبات التي واجهت المجتمعات الإنسانية، وساعدت مشاركة الأفراد والمؤسسات والقيادات الدينية في إنهاء الرق والاستعمار والعزل والتميز العنصري، وساندت جهود الحكومات في مكافحة الفقر والحفاظ على حقوق النساء والأطفال.
وكان ابن معمر قد وجَّه التحية في بداية كلمته للمشاركين في القمة مرحبًا بالانضمام إلى هذا التجمع العالمي البارز لصانعي السلام، الذي تقوم به المؤسسات والقيادات الدينية في اليابان، ومشاركة العديد من القيادات الدينية العالمية المتنوعة.