فهد بن جليد
نثمن عالياً ونقدر - كمجتمع سعودي - الأدوار الكبيرة والجهود المضّنية التي تبذلها إدارة مكافحة المخدرات، وبرامجها المتنوعة في المكافحة والتوعية معاً، خصوصاً برنامج نبراس الرائع الذي حقق ومازال يحقق الكثير في طريق خلق بيئة خالية من هذا الداء العضال الذي فتك بمعظم المجتمعات الإنسانية، وأعتقد أنَّ علينا جميعاً الإشادة به، والاصطفاف خلفه ودعمه للحفاظ على وطننا وشبابنا، خصوصاً أنّه من أكثر الخطوات التوعوية وضوحاً في اللغة والهدف وتجدداً في الأسلوب لمخاطبة كافة شرائح المجتمع، بالاستعانة بالمشاهير والرموز كسفراء في هذه المهمة الدينية والوطنية السامية.
وهنا اقترح الاستفادة من تجارب غربية جديدة، بدأت تنتهجها - أو تعود إليها بالأصح - جهود التوعية في تلك البلدان من خلال جمعيات أهلية أسسها أقارب ضحايا المخدرات، الذين تحولت معاناتهم ومأساتهم إلى رسائل بالغة التأثير في مجتمعاتهم، وهي اللغة الجديدة التي تستحق أن نعطيها مساحة أكبر لتسهم في جهود التوعية المرّجوة، خصوصاً مع شح تداول قصص معاناة أسرة المدمن لدينا، وضعف التركيز على آثار فقدان عضو فاعل في تلك الأسرة - لأسباب واعتبارات مجتمعية - حان الوقت للتخلص منها، فلنتخيل حجم التأثير الذي ترويه أم مدمن أو زوجته أو أطفاله أو أصدقائه وحتى زملائه في العمل، وكيف حرمتهم المخدرات ممن يحبون، وتحولت حياتهم إلى ألم وحسرة - بعيداً عن مجرد البكاء للتعاطف - الذي قد يعطي نتيجة عكسية تنفرّ المتلقي الذي لا يريد سماع مآسي الآخرين ويهرب منها، نحن بحاجة روايات معبرة ومؤثرة في ذات الوقت على لسان القريبين من المدمن تحبك الواقع بشكل متقن بمساعدة مختصين وتقنيين وإعلاميين يسهمون في إعادة صياغة الأحداث وترتيبها أكثر من مرة لتخرج للمتلقي بالشكل الفاعل المطلوب الذي يحقق أهداف التوعية.
حتى تتحقق مثل هذه النتيجة نحتاج أولاً وجود جمعية تعنى بأهالي وأقارب ضحايا المخدرات، يكون هدفها الأول كسر الخجل والخوف المجتمعي من الاعتراف بجود مدمن، أو حتى الحديث عن مأساة ضحية فقد حياته أو أسرته بسبب المخدرات، وجمع وترتيب هذه الروايات والحكايا المؤلمة وغربلتها، ومن ثم خلق منصة ينطلق منها الأهالي والأقارب لسرّد تلك الأحداث وفصولها..
حان الوقت أن نلتفت للوراء قليلاً في جهود التوعية بأضرار المخدرات، لنستعين بأسرة المدمن وما حلَّ بها، كما هو الحال مع بعض المتعافين، فتلك أبلغ حكاية يمكن أن تروى للتوعية.
وعلى دروب الخير نلتقي.