«الجزيرة» - عبدالله الفهيد:
أطلقت منظومة وزارة البيئة والمياه والزراعة تسع مبادرات جديدة من أصل 59 مبادرة، ستسهم من خلالها في تحقيق أهم مستهدفات برنامج التحول الوطني 2020 المتمثلة في تحقيق الأمن المائي والغذائي بالمملكة، ورفع كفاءة الخدمات المختلفة، والمحافظة على البيئة، وابتكار حلول لتعزيز استدامة هذين القطاعين، وصولاً إلى تجسيد رؤية المملكة التطويرية 2030.
المبادرات التسع تتوزع على القطاعات كافة التابعة للوزارة، وتشكل أرضية تأسيسية لمبادرات أخرى مستقبلية، أبرزها مبادرة التحول في تقديم الخدمات الزراعية التي ستعمل المنظومة عبرها على تأسيس شركة تعنى بتقديم الخدمات الزراعية، ومبادرة برنامج الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية، التي من المنتظر أن توفر ما تتجاوز قيمته 10,8 مليار ريال من الفاقد في القطاع من جراء تفشي بعض الأمراض، إضافة إلى مبادرة لإنشاء مركز لمعلومات البيئة والأرصاد والإنذار المبكر بما ينعكس على جودة الحياة في المدن السعودية، ويرفع مستوى الأمن البيئي فيها.
وفي المجال الزراعي تعتزم منظومة البيئة والمياه والزراعة تأسيس نقلة نوعية في قطاع الزراعة عبر تأهيل المدرجات الزراعية، واعتماد تقنيات حصاد مياه الأمطار في الجنوب الغربي من المملكة، وذلك في مسعى لاستعادة هذا النمط من الزراعة ليكون أحد روافد فرص العمل للمواطنين في تلك المناطق، ويسهم في خفض الهجرة إلى المدن الرئيسية، فضلاً عن أهميته في إدخال محاصيل جديدة للأسواق المحلية.
ويتوقع أن يستفيد من هذه المبادرة 3,850 مزارعًا من خلال تأهيل 2500 هكتار من المدرجات الزراعية، وتطبيق تقنيات حصاد الأمطار في الطائف والباحة وعسير وجازان، بمعدل 600 هكتار لكل منطقة.
وفي قطاع خدمات المياه ستطلق المنظومة مبادرتين رئيسيتين، هما: تعزيز خدمات الصرف الصحي والتوسع فيها، وزيادة تغطية المناطق العمرانية بها، إضافة إلى مبادرة التوسع في خدمات مياه الشرب وزيادة تغطيتها لتلبية الاحتياجات المتنامية في مختلف مناطق المملكة.
وينتظر أن ترفع مبادرة توفير خدمات الصرف الصحي نسبة تغطية الخدمات إلى 65 % من المساكن في المملكة من نحو 60 % حاليًا، وذلك من خلال ضخ مشاريع رأسمالية، تتجاوز قيمتها 56,7 مليار ريال. وتستهدف هذه المبادرة إيصال مياه الشرب للمستهلكين، وإيصال الخدمة إلى 4,8 مليون شخص خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك من خلال ضخ مشاريع بقيمة تتجاوز 43 مليار ريال.
وعلى المستوى البيئي جهَّزت الوزارة مبادرة لتنمية المراعي والغابات وتنظيم الاستثمار بها، ومكافحة التصحر، وأخرى لتأهيل وتطوير المنتزهات الوطنية واستثمارها وإدارتها المستدامة؛ إذ حددت المبادرة أكثر من 24 موقعًا يمكن تطويرها، ورفع مستوى الخدمات فيها.
ولتعزيز استدامة الأمن الغذائي تطلق الوزارة مبادرة خاصة لإنشاء وتطوير مرافئ الصيد في المناطق الساحلية لخدمة الصيادين من أجل تطويرها؛ لتصبح رافدًا أساسيًّا لخلق مراكز سياحية بالشراكة مع القطاع الخاص، وتوفير العديد من فرص العمل لأهالي المناطق المستهدفة، إلى جانب رفع مستوى دخل الفرد العامل في هذا القطاع؛ إذ ستتيح المبادرة المجال لزيادة مساهمة قطاع الثروة السمكية في الأمن الغذائي السعودي، وتوفير فرص العمل، وتحسين دخول الصيادين، وتهيئة بيئة مناسبة لهم، وخصوصًا ممن يعملون في المناطق الريفية؛ ما سيساعدهم على ممارسة عملهم في بيئة صحية وآمنة ومنتجة، ويمكنهم من تطوير جودة المنتجات المستهدفة.
وينتظر أن تؤدي هذه المبادرة إلى زيادة عدد الصيادين والوظائف التابعة للمرافئ (مثل المطاعم، المقاهي، المنتجعات وغيرها)، وتوفير وسائل الترفيه والمراكز السياحية، بالشراكة مع القطاع الخاص. ويتوقع أن تحقق المبادرة أثرًا مباشرًا بخلق 1,220 فرصة عمل جديدة، منها 5 % على الأقل ستكون موجهة للنساء في مجالات التغليف، والتجهيز، وأعمال ما بعد الحصاد، يصل نحو 66 % منها إلى ثلاثة آلاف ريال شهريًّا.
وبيَّنت الوزارة أن مبادرة الخدمات الزراعية ستحرر أكثر من 1,25 مليار ريال من ميزانية الوزارة، تتحملها حاليًا، كما ستوفر 1,200 وظيفة جديدة من خلال إنشاء شركة جديدة مملوكة للدولة، تقدم الخدمات الزراعية، وهذا سيمكِّن الدولة من بدء فرض رسوم على الخدمات تدريجيًّا، إضافة إلى استثمار وتأجير أراضٍ وعقارات تابعة للوزارة. اللافت في هذه المبادرة هو أن استراتيجية تسعير الخدمات الزراعية التي ستعتمدها المنظومة ستراعي تقديم الخدمات بدون مقابل لصغار المزارعين، وصيادي الأسماك التقليديين؛ وبالتالي خلق أثر اجتماعي إيجابي مرتقب لدى تلك الفئة.
من جهة أخرى، ستشكل مبادرة «برنامج الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية» نقلة نوعية لجهود تطوير الثروة الحيوانية في البلاد، وذلك من خلال إنشاء منظومة متكاملة للمراقبة والسيطرة، تعتمد أفضل الممارسات العالمية. إضافة إلى ذلك، سيتم إطلاق برنامج خاص لترقيم الماشية إلكترونيًّا.
وينتظر أن تؤدي هذه المبادرة إلى خفض نسبة الفاقد في قطاع الثروة الحيوانية؛ وهو ما يعني تحقيق عوائد مادية للقطاع، تقدر بنحو 10,8 مليار ريال سنويًّا، وزيادة ربحيته بمعدل 1,5 مليار سنويًّا، وخفض معدل انتشار الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، من خلال السيطرة على 21 مرضًا، بدلاً من السيطرة على مرضَين فقط حاليًا.
المبادرة السابعة هي «التنمية المستدامة للمراعي والغابات وتنظيم الاستثمار بها ومكافحة التصحر». وتسعى المنظومة من خلالها إلى تحقيق التنمية المستدامة للمراعي والغابات، وحماية أراضيها من التعدي والتدهور، وتعزيز فرص الاستثمار في هذا القطاع، والحد من التصحر، من خلال تأسيس شركة وطنية لإدارة وتأجير بعض مواقع المراعي والغابات وتنميتها.
وتستهدف المبادرة تحقيق التنمية المستدامة للمراعي والغابات، وحماية أراضيها من التعدي والتدهور، وتعزيز فرص الاستثمار، والحد من التصحر، من خلال تأسيس شركة وطنية لإدارة وتأجير بعض مواقع المراعي والغابات وتنميتها. وسيتم العمل على المبادرة نظاميًّا، عبر تفعيل نظام المراعي والغابات الذي يعطي الوزارة الحق بالإشراف على أراضي المراعي والغابات ومحتوياتها الحية وغير الحية، وتنظيم استثمارها وتنميتها والمحافظة عليها.
ثامن المبادرات هي «إنشاء مركز لمعلومات البيئة والأرصاد والإنذار المبكر»، وهي أول مبادرة من نوعها على المستوى الوطني، ومن المأمول أن ينعكس أثرها الإيجابي على الصحة العامة في المملكة، وذلك من خلال تفعيل التشريعات ذات العلاقة؛ إذ ستساهم هذه المبادرة في تحقيق تحوُّل نوعي عبر إيجاد خارطة إلكترونية، تُظهر جودة الهواء في مناطق المملكة ببيانات آنية لجميع المحطات، وتتضمن مؤشرات لقياس تركيز الملوثات في كل محطة.
وستشمل هذه المبادرة توفير المعلومات والمؤشرات البيئية اللازمة لإعداد الخطط المستقبلية، وتوفير التحليلات البيئية والأرصادية الآنية لدعم صناع القرار لتفادي أخطار الكوارث على الأرواح والممتلكات العامة.
وأخيرًا، تعتزم منظومة البيئة والمياه والزراعة استحداث مبادرة تطوير وتأهيل البنية التحتية للمنتزهات الوطنية، وتشجيع الاستثمار المستدام فيها، التي ستشمل محاور عدة، من بينها تأسيس شركة حكومية، ستعمل على زيادة عدد المنتزهات الوطنية من 5 إلى 24 منتزهًا، والمساحة المخصصة للتنزه من 8,800 إلى 51,000 هكتار، والعمل على تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه، الطرق والكهرباء، وذلك في مسعى لرفع عدد الزوار من 3,5 إلى 5,6 مليون زائر سنويًّا، إضافة إلى جذب القطاع الخاص والمستثمرين الخارجيين للاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
ويعد برنامج التحول الوطني 2020 أولى الخطوات نحو تجسيد رؤية المملكة 2030 باعتبارها منهجًا وخارطة للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وهو يرسم التوجهات والسياسات العامة والمستهدفات والالتزامات الخاصة بها؛ لتكون نموذجًا رائدًا على المستويات كافة.
وتأتي مبادرات منظومة البيئة والمياه والزراعة الجديدة في سياق المرحلة الأولى من برنامج التحول التي يجري تنفيذها حاليًا بالشراكة بين مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية و18 جهة حكومية، وتتضمن 755 مبادرة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، التي يُنتظر أن تسهم في تحوُّل المملكة الرقمي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوليد الوظائف، وتعظيم المحتوى المحلي.